رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


النصر وشخصية الكيان

الأندية كيانات لها شخصيتها التي تميزها وتُعرف بها، ففكر وطريقة مسيري كل نادٍ فرضت هيبة وحضوراً تميزت به، فبعيداً عن الألقاب التي يحلو لجماهير كل نادٍ مخاطبته وتعظيمه بها، بدءاً بالزعيم، ومرورا بالعالمي، والليث، والراقي، والعميد، وانتهاءً بفارس الدهناء وغيرها الكثير، فهي ألقاب ارتبطت إما بأحداث أو بطولات معينة، بينما أخرى جاءت نتاج أسلوب ونهج متبع، فلا يمكن أن يخطر على بال المتابع إلا هذا النادي أو ذاك حين يرى هذه السمة أو أختها سوى الكيان الذي عرفت به، ففريق مثل الفتح أصبح صنوان للتآلف بين الإدارة وأعضاء الشرف، والتخطيط المدروس، وثبات المدرسة التدريبية، بينما نجران عند ذكره قسراً تتوارد إلى مخيلتك الروح، والعزيمة والتصميم والنفس القادرة على تحقيق المستحيل، متجاوزة قلة الإمكانات، فيما نادي الشباب فرض شخصية جديدة منهجاً مغايراً وحضورا مختلفاً عن عهده السابق، فغدا شرساً في الدفاع عن حقوقه، بل إنه يبادر بالهجوم لكي يتسنى له إدارة المواجهة كيفما يريد بعد ذلك، بينما ما زال الهلال محتفظاً بسمته في تماسك إدارته مع أعضاء الشرف وتبعية جماهيره لإدارته وليس العكس، ولأن المقال لم يكن الغرض منه تتبع الأندية جميعاً، فما أريد الوصول إليه هو بعض الأندية التي فقدت شخصيتها وتاهت في الزحام، ففريق عريق صاحب تاريخ كالنصر يثير التساؤل: لماذا سقطت هيبته وأصبح ضعيفاً أمام الآخرين؟ فالشواهد تقر بذلك، فحادثة زعبيل التي عانى الأصفر فيها الأمرين في مسلسل اضرب واهرب من مشجعي الوصل انتهت وطويت دونما اعتذار من الفريق المضيف، بل تم تحميله تبعات ذلك، وأن جهازه الطبي كان سببا في انطلاق شرارة الأحداث بعد استفزازه للجماهير، بينما في حادثة أقل منها بكثير فلمجرد حدوث مناوشات بين جماهير الهلال وجماهير الشباب الإماراتي بادرت إدارة النادي الإماراتي الشقيق بالاعتذار، رغبة في حفظ حبل الود وبقائه قائماً، وفي واقعتي أبوسبعان الشهيرتين، فقدمه التي داست بكل صفاقة على ظهر نواف العابد، سارت على ظهر سعود حمود بحركة مستنسخة، سوى أن الفارق بين الحالتين كان في أسلوب تعامل إدارة الاتحاد معهما بطريقة متباينة، فالأولى اعتذرت عنها وأظهرت الأسف لتجاوزات اللاعب المسيئة، الأمر الذي عده أبوسبعان تجاوزاً، وأن من كتب الخطاب قلل فيه من قيمته كلاعب اتحادي، فلم يحضر التمارين بعد نهاية عقوبة الإيقاف، احتجاجاً على ذلك، بينما في الدعسة الثانية لم تتحرك شهامة الاتحاديين وغابت فضيلة الاعتذار، وكأن النصر لم يعد ذلك الكيان المستحق للاحترام والتقدير.
هنا يجب على محبي الفريق أن يتساءلوا: كيف ولماذا سقطت الهيبة بعد الرمز الكبير عبد الرحمن بن سعود؟ فالكيان فقد بعده القدرة على المواجهة والإقناع وكيفية حشد الطاقات في وقت واحد، فتفرق الجمع وأضحوا شتاتاً بعدما ارتضت إدارته أن تكون ألعوبة في أيدي قلة من الجماهير تارة، وتارة أخرى وضعوا أنفسهم أداة في أيدي أعضاء شرف أندية منافسة استغلوا الكيان وجماهيريته كسلاح في صراع لا علاقة للنصر به من قريب أو بعيد، فبات النصر يُقاد بعد أن كان قائداً وفاعلاً ومؤثراً، ولم يكترث الكثير بمسيريه، سواء غضبوا أم رضوا، فاختفت شخصية الكيان وظهرت شخصية الأفراد الذين أرادوا أن يصبغوه بصبغتهم. وفي خضم هذا التيه النصراوي، لا بطولات ولا هيبة، فحُق لجماهيره استعارة البيت الشهير لشاعر الجمال ياسر التويجري وترديده عند بيت الرمز:
يا وجد حالي كل ما ذا الهوى دار
وذكرني بمجلسك وأسوار بيتك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي