الشركات العائلية في سوق الأسهم السعودية
هناك نحو 16 شركة عائلية مدرجة في سوق الأسهم السعودية حسب نظرة سريعة في قائمة الأسهم المدرجة في السوق. ومن الملاحظات التي تجذب الانتباه لتلك الشركات العائلية هي:
ـــ معظمها طرح بعد تنظيم السوق ووضع أنظمة ولوائح الإدراج بعد إنشاء هيئة السوق المالية.
ـــ إن إدارة معظم تلك الشركات من الجيل الثاني، وليس جيل المؤسسين، الذي يتسم بالتعليم، والمهنية في الإدارة، والقدرة على التغيير الهيكلي المالي والإداري للشركة.
ـــ إن معظمها مر بإعادة هيكلة مالية وإدارية قوية قبل الإدراج، اضطر بعضها إلى إدخال شركاء استراتيجيين، والبعض الآخر اكتفى بتحسين الوضع الإداري والمالي ليتناسب مع متطلبات هيئة السوق المالية.
ـــ طبيعة نشاط الشركة والتزام الملاك الأدبي والمهني هو من أهم استمرارية نجاحها وتحسن أدائها بعد الإدراج.
ـــ إن معظم الملاك، لم يغيروا كثيرا في نسبة تملكهم أسهم الشركة قبل وبعد الإدراج؛ ما يوحي بثقتهم في أعمال شركتهم، والتزامهم بتنمية أعمالها أمام المساهمين الجدد.
إن هذه الملاحظات مطمئنة إلى حد كبير للمستثمرين والمتداولين في سوق الأسهم السعودية؛ ما يجعل طرح مزيد من تلك الشركات مرحبا به. ولذلك وفقت تداول وهيئة السوق المالية في ملتقى تداول الذي عقد في الأسبوع الماضي، رغم عدم حضوري. إلا أن الفكرة جميلة وتستحق المتابعة وتحفيز مزيد من الشركات العائلية على الإدراج، خصوصا أن الشركات العائلية تلعب دورا مهما ومحوريا في اقتصاد المملكة. وحسب مقال خالد الكلابي في جريدة ''اليوم'' في 14 نيسان (أبريل) فقد ''أجمع الخبراء على أن الشركات العائلية تملك نصيب الأسد من أصول القطاع الخاص في العالم، حيث تشكل الشركات العائلية متوسطا مقداره 70 في المائة من شركات القطاع الخاص عالميا. أما في دول الشرق الأوسط فتقدر شركة PwC عدد المؤسسات والشركات العائلية المتوسطة إلى كبيرة الحجم بأكثر من خمسة آلاف كيان تجاري بأصول صافية تزيد عن 600 مليار دولار مشكلة ما نسبته 75 في المائة من القطاع الخاص ومسؤولة عن توظيف أكثر من 70 في المائة من القوى العاملة في دول الخليج العربي. فيما قدرت شركة Booz&Company مساهمة الشركات العائلية في الشرق الأوسط بأكثر من 40 في المائة من الناتج الإجمالي العام غير النفطي وتوظيف أكثر من 50 في المائة من القوى العاملة في المنطقة. أما شركة CPI Financial فقد قدرت نسبة الشركات العائلية في القطاع الخاص بنحو 80 في المائة من شركات المنطقة.
في السعودية تذهب التقديرات إلى أن الشركات العائلية تمتلك أكثر من 90 في المائة من شركات القطاع الخاص، إما من خلال شركات مملوكة بالكامل أو بحصص أغلبية مساهمة بذلك في 60 في المائة من اقتصادنا الوطني بأصول تزيد على 400 مليار ريال؛ ما يجعلها المحرك الاستثماري الثاني بعد الحكومة. أما من ناحية التوظيف فإن الكيانات التجارية العائلية السعودية تستوعب أكثر من 80 في المائة من القوى العاملة..''.
وهذه الأرقام مذهلة وتستدعي الحفاظ على تماسك الشركات العائلية قبل رغبتها في الإدراج، بتشجيع تلك الشركات في أنظمة الشركات الجديد، حيث إن معظم الشركات العائلية تؤول إلى الصف الثاني، إلا أن صعوبة تحويل الأصول التي تركها المؤسس إلى شركات مساهمة أو أي نوع من أنواع الشركات هو أحد أهم العوائق في استمراريتها، حيث يتطلب نظام الشركات والخدمة المدنية ألا يكون الورثة موظفين في الحكومة، خصوصا أن معظم الجيل الثاني يوجد فيه رجال أو نساء موظفات لا يرغبون في التضحية في وظائفهم من أجل تأسيس شركة عائلية تحكمها أنظمة الشركات السعودية. ولعلنا نرى من المفيد أخذ ذلك في الاعتبار في نظام الشركات الجديد. كما أن الشركات العائلية القائمة، التي تتخذ صورة من أنواع الشركات الضعيفة مثل المحاصة، والتوصية البسيطة، يجب أن تدعم وأن تشجع للتحول إلى مساهمة مقفلة بين الشركاء، لما في ذلك من أهمية لتحسين أنظمتها الإدارية والمالية، وتحسين فعالية وكفاءة القرارات العائلية. ناهيك أنها تعتبر خطوة مهمة لتحين الفرصة المناسبة للإدراج في السوق المحلية.
ويبقى دور هيئة السوق المالية عند إدراج تلك الشركات في وضع خطوط وأنظمة ولوائح أكثر سهولة وشفافية للشركات العائلية، حيث يمكن فهمها واستيعابها من قبل أفراد العائلة الذين يتفاوتون في خبراتهم وتحصيلهم العلمي لتحفيزهم على الإدراج. وألا يكون ذلك على حساب علاوة الإصدار، حيث إن معظم الشركات العائلية، أدرجت بعلاوة عالية، ما يجعل من وضع معايير أكثر دقة لاحتساب علاوة الإصدار، سواء للشركات العائلية أو غيرها أمرا مهما في ضوء تجارب السنوات السابقة.