دور الغاز في تأمين إمدادات الصين من الطاقة (2 من 2)
بدأ تدفق الغاز الطبيعي إلى الصين تدريجيا عبر خط الأنابيب من تركمانستان منذ نهاية عام 2009 ووصل إلى 15 مليار متر مكعب في عام 2011، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 30 مليار متر مكعب أو أكثر بحلول عام 2015. في كانون الأول (ديسمبر) 2010، بدأ البناء في خط أنابيب لنقل الغاز من كازاخستان إلى الصين. خط الأنابيب الجديد من ميانمار يمكن أن يوفر نحو 12 مليار متر مكعب أخرى بحلول نهاية عام 2012.
من المتوقع أن توفر مشاريع الغاز الطبيعي المسال وخطوط الأنابيب معا ما لا يقل عن 60 مليار متر مكعب سنويا من واردات الصين من الغاز الطبيعي بحلول عام 2015. من الممكن تعزيز هذه الكمية من الغاز الطبيعي في وقت لاحق بإمدادات من الغاز عن طريق خطي أنابيب من روسيا، طاقتهما الإجمالية نحو 70 مليار متر مكعب. إن المناقشات بين الصين وروسيا حول إمدادات الغاز استمرت على مدى الـ 20 عاما الماضية بين مد وجزر. لذلك من السابق لأوانه الجزم في الوقت الحاضر ما إذا كانت الجولة الحالية من المحادثات ستسفر عن التوصل إلى اتفاق ما في هذا الجانب، على الرغم من أن الانتهاء من خط أنابيب النفط من سكوفورودينو قد يكون علامة إيجابية.
هذه الخطط والإحصاءات كانت وراء إعلان الحكومة الصينية أخيرا أنه من المتوقع أن ترتفع واردات الغاز إلى 90 مليار متر مكعب بحلول عام 2015، هذا يعني أن إجمالي الاستهلاك السنوي في عام 2015 من المتوقع أن يصل إلى 260 مليار متر مكعب، أي نحو 2.5 مرة أكثر من استهلاك عام 2010، وبمعدل نمو سنوي قدره 20 في المائة، معدل النمو هذا أسرع من متوسط معدل النمو خلال السنوات الخمس السابقة البالغ 18 في المائة. إذا ما تحققت هذه الأهداف بالكامل، فإن حصة الغاز الطبيعي في إمدادات الطاقة الأولية في الصين قد تصل بالفعل إلى 8 في المائة بحلول عام 2015، وهو الهدف الذي كان محدد أصلا عام 2010.
من المتوقع أن يصل إنتاج الغاز المحلي في الصين إلى 170 مليار متر مكعب في عام 2015، مدعوما بإمدادات الغاز من المصادر غير التقليدية. حيث إن لدى الصين إمكانات هائلة لتطوير غاز الميثان المستخرج من الفحم الحجري، أو ما يعرف بغاز طبقة الميثان CBM، ومن طبقات السجيل الغازي، ما أدى إلى زيادة جذب الاستثمارات الأجنبية. حيث تخطط الصين لإنتاج ما بين 60 و100 مليار متر مكعب من الغاز في السنة من مصادر الغاز الصخري بحلول عام 2020 من لا شيء في الوقت الحاضر، بمساعدة شركات النفط الكبرى. هذا النمو سيساعد على تغذية اقتصادها السريع النمو وتقليل الاعتماد على الواردات.
مثل هذا النمو السريع في قطاع الغاز قد يضع الصين وراء الولايات المتحدة وروسيا باعتبارها ثالث أكبر مستخدم للغاز في العالم وبين أكبر مستوردي الغاز، إلى جانب اليابان وألمانيا، وربما الولايات المتحدة. على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك، الصين أصبحت تدريجيا أكثر اعتمادا على أسواق الطاقة العالمية لسد حاجتها من الطاقة، النفط كان أولا ثم تبعه الفحم والآن الغاز. حيث أصبحت الصين مستوردا للنفط منذ عام 1993، وتستورد حاليا أكثر من نصف حاجتها من النفط، والصين كانت تعتمد كليا على الغاز الطبيعي المنتج محليا حتى منتصف هذا العقد وأصبحت دولة مستوردة للغاز الطبيعي في عام 2006 للمرة الأولى.
على الرغم من أن هذا الاتجاه يحقق فوائد كثيرة من حيث دمج الصين في الاقتصاد العالمي، إلا أن حجم قطاع الطاقة في الصين قد يكون له تأثيرات كبيرة على أسواق الطاقة الدولية، حيث إن أي تغيير بسيط في معدل الواردات قد يدفع أسعار الطاقة بشكل حاد صعودا أو هبوطا في المدى القصير الأجل، لقد رأينا هذا يحدث فعلا في أسواق النفط والفحم، يجب أن نتوقع الآن الشيء نفسه في أسواق الغاز الطبيعي.
الفائدة الكبيرة التي من المتوقع أن تجنيها الصين من هذا التحول الكبير في استخدام الغاز الطبيعي على نطاق أوسع هي أن قطاع الطاقة في الصين سيصبح تدريجيا أكثر نظافة من ناحية انبعاث الغازات الدفيئة وأكثر كفاءة، ما قد يساعد في دفع الصين إلى اقتصاد منخفض الكربون. الموضوع الملح والمهم في هذه المرحلة هو ما إذا كان بإمكان صناعة الغاز الطبيعي في الصين التعامل بنجاح مع مثل هذا النمو السريع في استخدام الغاز الطبيعي على مدى السنوات الخمس المقبلة. حيث يتطلب ذلك التنسيق الكبير بين عمليات التطوير، التشييد والتشغيل لجميع المراحل: من إنتاج، نقل وتسويق وصولا إلى المستهلك النهائي، بمشاركة عدد كبير جدا من الشركات قد يصل إلى آلاف وملايين المستفيدين. الأداء السابق لصناعتي الفحم الحجري والغاز الطبيعي المحليتين خلال فترات النمو السريع يشير إلى احتمالية حدوث الانقطاع وعدم الاستمرارية، حسب حجم وتعقيد العملية، نتيجة عدم الوضوح في السياسات العامة والحوافز الاقتصادية. حيث إن الأسواق لا تزال غير متكاملة والأطر التنظيمية والقانونية الخاصة بالحقول، خطوط الأنابيب، أسواق الغاز المحلية، والاستثمار الأجنبي غير موحدة ومتباينة. عدم وجود شفافية كاملة قد يولد أيضا حالة من عدم اليقين للاستثمار في المجالات المختلفة من قطاع الغاز.