قطاع خدمات النفط: حينما تقصر«أرامكو»
بدأت المملكة إنتاج النفط منذ نحو 70 عاماً، بينما بدأت النرويج إنتاج النفط في السبعينيات، هناك عدة اختلافات مهمة بين البلدين، ولكن ما يجمعها هو اقتصاديات النفط. أحد أهمها هو تطور خدمات صناعات النفط في النرويج ونقصها الحاد في المملكة بسبب ضعف دور" أرامكو" التاريخي. وصلت أعمال خدمات النفط في العالم إلى نحو 240 مليار دولار في عام 2010 أي نحو ضعفي ميزانية المملكة في السنة نفسها، تقدر حصة المملكة بنحو أربعة مليارات دولار سنويا. خدمات النفط تبدأ بالمسح الجيوفيزيائي والحفر والضخ إلى الصيانة وأعمال فوق الأرض. الغالبية العظمى من هذه المهام تسند إلى شركات أجنبية (عدا شركة الحفر العربية ورأس أقاز وصانعي الأنابيب) فبدلا من توطين الصناعة اعتمدنا على إنتاج النفط وتصديره وهذا تقصير استراتيجي، فتقدر حصة الشركات السعودية بنحو مليار دولار فقط.
ما هو السبب لهذا التطور غير الصحي؟ نظراً لأهمية النفط كانت ولا تزال النظرة قطعية إلا أن سلامة عملية الإنتاج ترتقي فوق أي اعتبار تنموي أو تطويري، هناك تبريرات لهذا السبب الأول هو النظرة إلى النفط، وبالتالي دور" أرامكو "على أنها في الأساس مصدر للتمويل وليس عملا فنيا اقتصاديا تدريجيا، والسبب الثاني أن "أرامكو "تاريخيا كانت جزيرة معزولة عن آلية الحركة الاقتصادية في المملكة. نجحت "أرامكو" في أن تصبح منتجا يعتمد عليه مستخدمة أفضل الموجود عالميا ولكنها ضحت بدورها المحوري في اقتصاد نام حاجاته تتعدى الحياة الجيولوجية والاقتصادية لقطاع النفط. هذا خطأ استراتيجي يتعدى دور "أرامكو" ويصل إلى صانعي السياسة الاقتصادية في المملكة (ممثلين في مجلس إدارة أرامكو).
ما الحل؟
الوهلة الأولى تقودنا إلى الأخذ بتجربة النرويج، ولكن الأكثر ملاءمة هو الحاجة إلى درجة أعلى في الانفتاح والشجاعة في إعطاء فرصة للشركات السعودية وخاصة تلك التي نجحت في دول أخرى خاصة أن الخطوة تلتقي مع جهود حكومية أخرى مبعثرة. فهناك فرص في عدة جوانب فنية وحتى جغرافية في المملكة. يبدو أن "أرامكو" صحت متأخرة، فحديثاً افتتحت عدة مراكز مع شركات الخدمات مثل شلمبرجيه وكان آخرها بيكر هيوز قبل عدة أسابيع، كما أن "أرامكو" أوكلت هذه المهمة إلى أحد أهم موظفي "أرامكو" وعضو مجلس إدارتها. ما يبقى هو التساؤل حول هذا النموذج الذي قد يُغلب الأبحاث والتطوير ويعمل على استبعاد فرص الشركات الوطنية للقيام بمهام معتبرة، وبالتالي نجعل من الأبحاث عذراً لتفادي استحقاقات أكثر عملية ووضوحا.