رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مَن أنصف «الشورى» في رفضه الضريبة؟!

بعض معالجات مجلس الشورى للتوصيات المطروحة من قبل الأعضاء أو اللجان، توحي لنا بأن المجلس يعيش عزلة عن واقع المجتمع، عن طموحاته وعن ألمه. أتمنى أن تكون هذه النظرة غير صحيحة، والأصل أن تكون كذلك، لأن المجلس إنما وجد ليكون ضمير المجتمع.
طالعتنا الصحف المحلية بخبر رفض المجلس مقترح ضريبة الدخل على المقيمين في البلاد. وهنا يتبادر سؤال للأعضاء الأكارم: هل أنصفتم الوطن، أم المواطن أم المقيم؟
وفقا للخبر الذي أوردته صحيفة ''المدينة'' بتاريخ 02/04/2012 فإن المجلس صوت برفض فرض ضريبة دخل على المقيمين في القطاعين العام والخاص، وكان مما جاء في مبررات الأعضاء الكرام حسب الصحيفة نفسها، التالي:
ــــــ ''رأى عدد من الأعضاء عدم مناسبة هذه التوصية في الوقت الحالي مع ما تعيشه المملكة من متطلبات تنموية في مختلف قطاعات الأعمال والتخصصات المهنية''.
ــــــ ''ورأى أحد الأعضاء أن زيادة رسوم استقدام العمالة لم تحد من الاستقدام وتحملها المواطن، ولم يحدث ذلك تأثيراً يذكر على سعودة الوظائف''.
ــــــ ''وتساءل آخر عن تكلفة تحصيل هذه الضريبة لو تمت الموافقة عليها''.
ــــــ ''فيما أكد آخر أن المواطن سيتحمل في النهاية عبء هذه الضريبة''.
ــــــ ''ورأى آخر أن القطاع الحكومي سيتحمل جزءاً كبيراً من دفع مثل هذه الضريبة، وتطبيقها سيربك الاقتصاد الوطني''.
لكن هل استعرض الأعضاء الكرام بعض الحقائق المهمة، ومنها:
ــــــ أن نسبة المقيمين في المملكة تزداد سنويا حتى وصلت في تعداد عام 1431هـ إلى ما نسبته 31.1 في المائة من إجمالي سكان المملكة (أي 8.4 مليون غير سعودي).
ــــــ أن حجم القوى العاملة في القطاع الخاص بلغ في عام 2010 نحو 7.0 مليون عامل، نسبة غير السعوديين فيهم تعادل 90 في المائة، وفقا لتقرير مؤسسة النقد عام 2010.
ــــــ وأن حجم القوى العاملة في القطاع العام والبالغ 941.9 ألف عامل في عام 2009، قد شكل فيه المقيمون نحو 8 في المائة، وفقا لتقرير مؤسسة النقد عام 2010.
ــــــ أن حجم الأموال المحولة إلى خارج السعودية من قبل العمالة الأجنبية عن طريق القنوات البنكية بلغ 110 مليارات ريال خلال عام 2010، بزيادة عن 2009 تبلغ 13.4 مليار ريال (صحيفة ''الشرق الأوسط''، عدد 11971)، والتي كانت تساوي 60 مليارا في عام 2007، حيث تحتل المملكة المرتبة الأولى في تحويلات العاملين للخارج، كما أدرجه موقع الأسواق العربية في الثامن من كانون الأول (ديسمبر) 2008 (''الاقتصادية'' عدد 5571).
ــــــ هل اطلع الأعضاء الكرام على المعلومة التي تقول إن ما نسبته 71 في المائة من هؤلاء العاملين لا يملكون حسابات بنكية في المملكة (حسب دراسة قدمتها صحيفة ''الشرق الأوسط'' في عددها 8936. وإن هجرة هذه المبالغ سنوياً تؤثر في الاقتصاد الوطني وتُثقل كفة ميزان المدفوعات الخارجية بأرقام من الأجدر أن يستفيد منها الوطن وأبناؤه.
ــــــ وهل اطلع الأعضاء على التقرير الذي نشرته صحيفة ''عكاظ'' في عددها رقم 2742 المنشور في 19 كانون الأول (ديسمبر) 2008 والذي يذكر أن 88 في المائة من وظائف القطاع الخاص تستأثر بها العمالة الوافدة، وبين التقرير أن من أهم الأسباب لعدم حصول المواطن على هذه الوظائف، وجود العمالة الرخيصة، إضافة إلى بعض الأسباب الأخرى.
ــــــ وهل اطلع الأعضاء الكرام على التقرير الإحصائي السنوي للمؤسسة العامة للتقاعد الذي يذكر أن عدد المتقاعدين الأحياء حتى نهاية العام المالي 1427/1428هـ يزيد عن 332 ألف متقاعد، والذين يمثلون الفئة العمرية أكثر من 40 عاما إلى 69 عاما تعادل 73.3 في المائة، ما يعني وجود نحو 257 ألف متقاعد يُعدون في الفئة العمرية القادرة على الإنتاج.
ــــــ هل اطلع الأعضاء الكرام على نسبة العاملين السعوديين في القطاع الحكومي إلى عدد السكان في عام 2010 والتي تعادل 9 في المائة تقريبا (6 في المائة ذكور، 3 في المائة إناث)، علما أن عدد السكان المواطنين من ذكور وإناث يبلغ الرقم نفسه تقريبا تسعة ملايين نسمة لكل جنس. وهذا يعني أن القوة البشرية النسائية في المملكة شبه معطلة بالكامل.
ــــــ هل اطلع الأعضاء الكرام على إحصاءات وزارة التعليم العالي التي تشير إلى أن عدد طلاب وطالبات التعليم العالي المقيدين بلغ في عام 2010 ما يزيد على 876 ألف طالب وطالبة على مقاعد التعليم العالي في المملكة (نحو 413.6 ألف من الذكور و463 ألفا من الإناث)، وأن عدد الطلبة والطالبات المبتعثين للخارج في العام الدراسي 1430/1431هـ بلغ 80.8 ألف مبتعث (77.6 في المائة من الذكور و22.4 من الإناث).
لا أريد أن أسترسل في ذكر الأرقام ودلالاتها التي لن تخفى على القارئ الكريم، ولكن الظروف التي يعيشها المجتمع تحتم أن تتخذ الأجهزة الرسمية جميع الخطوات الكفيلة بضمان الحد الأدنى لكرامة المواطن، من خلال إرساء التشريعات الملزمة التي تسهم في حل مشكلات البطالة، والإبقاء على المعدلات المنخفضة للجريمة، والمخدرات ومعالجة الفقر. وكل هذه الأمور يجب أن توضع في إطارها الشامل حتى تتوافق القرارات مع الاحتياجات، لا أن ينظر إليها كوحدات مستقلة لا تؤثر ولا تتأثر.
معالجة النظام الضريبي للمقيمين لا تستلزم فرض ضرائب على كل من دخل المملكة، لكن يجب أن تعالج وفقا لرقم التحويلات للخارج، حاجة المجتمع للوظائف المهمة، وجود فئات مختلفة من الوظائف التي يشغلها المقيمون تراوح بين رواتب أقل من 500 ريال شهريا إلى أكثر من 50 ألفا شهريا. التزامات المقيم ومصروفاته داخل البلد وغير ذلك من العوامل الكثيرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي