رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«التوقيت» يا مجلس الشورى

التوقيت قد يكون أهم العوامل لإنجاح اتخاذ أي قرار. ويبدو أن مجلس الشورى يفتقر إلى هذه القاعدة، بسبب تسرع أعضائه الأفراد في طرح الأفكار من باب السبق، أو من باب آخر قد يبدو منطقياً لصاحب المقترح. والبعض من الأعضاء يحاول مخاطبة الجماهير والشعور العام، بغض النظر عن التوقيت المناسب لطرح الآراء والأفكار والتوصيات. ففي غضون فترة قصيرة، طرح بعض الأعضاء تخصيص ثلاثة رواتب كبدل سكن للمواطنين في القطاع الحكومي، بعد فترة قصيرة من اتخاذ الحكومة قرارات قوية في رفع الأجور مثل تثبيت بدل غلاء المعيشة، ومكافأة شهرين. وقد جاء هذا الاقتراح وكأنه ضمن أحد الحلول لمعالجة مشكلة ارتفاع الإيجارات في وقت اتخذت فيه الحكومة قرارات قوية تتعلق بالإسكان وتخصيصها مبلغ 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة. مثل هذا الاقتراح، أخطأ التوقيت لأنه جاء بعد إعلان مثل هذه القرارات بفترة قصيرة، مما أفقده أهميته، وعدم الالتفات إليه. فانتظارا لنتائج ما ستؤول إليه مثل هذه السياسات الحكومية كان أجدى نفعا، وسيكون أكثر قبولاً داخل المجلس وخارجه.
وهناك توصية أخرى بفرض ضرائب على دخول الأجانب. وهي الأخرى جانبها التوقيت المهم لإنجاحها. فوزارة العمل تعمل بشكل قوي في برنامجين مهمين لحل مشكلة البطالة وتقليص الاعتماد على العمالة الوافدة. فبرنامجا ''نطاقات'' و''حافز'' ما زالا في مراحلهما الأولية، وإنجاحهما يحتاج إلى وقت لخفض معدلات البطالة. وإذا كان الهدف من الدعوة لهذه الضريبة هي الحد من تحويل نحو 100 مليار ريال إلى خارج البلاد من قبل إخواننا المقيمين معنا فإن هناك إجراءات كثيرة وعديدة يجب اتخاذها قبل التوصية بمثل هذا المقترح. ولعل أهمها ما أعلنته وزارة العمل من ضرورة إيداع مرتبات العاملين في القطاع الخاص إلى حسابات بنكية تخصهم، مما يساهم في ضبط ومتابعة الحوالات المالية، وتقليل مستويات التعاملات خارج النظام المصرفي. كما أننا نحتاج إلى تفاصيل تلك التحويلات فقد يكون جزء منها أرباح مؤسسات وشركات أجنبية سبق أن خضعت لضريبة دخل تعادل 20 في المائة. ناهيك عن أن الوضع الإقليمي لا يحتمل مثل الحديث عن هذه الضريبة في وقت فشلت فيه الحكومة في فترات سابقة من فرض مثل هذه الضريبة لأنها أدت إلى رغبة الكثير من الكفاءات الأجنبية العاملة في السعودية إلى مغادرة البلاد.
كما طرحت توصية بفرض رسوم على الأراضي في وقت تعمل فيه مصلحة الإحصاءات والزكاة على نظام محدث للزكاة والدخل متضمنا أمراً ساميا بإضافة جباية زكاة الأراضي ضمن هذا النظام الجديد. وفي وقت أيضا تتمتع فيه الموازنة الحكومية بفوائض تاريخية لا تبرر الاستعجال بطرح مزيد من الرسوم، بل إن الواجب العمل على تخفيض بعض الرسوم الأخرى الكثيرة والمتعددة.
وفي ظل ذلك، أقترح أن تخضع عملية إبداء التوصيات إلى آلية محددة في مجلس الشورى تتضمن اختيار وملاءمة التوقيت لطرح مثل هذه التوصيات بشكل رسمي وإجرائي في أروقة المجلس، على أن تتضمن هذه التوصيات ما يدعمها من دراسات وإحصاءات واضحة، وأن تكون ضمن هيكلة واضحة لتعديل سياسات حكومية متبعة أو ستتبع مستقبلاً، مما يساهم في إنجاح مثل تلك التوصيات، وتحويلها إلى قرارات بصورة أسرع. ناهيك عن أن مثل هذا الإجراء سيجعل من مجلس الشورى عاملا مهما في صناعة القرار، حيث إن توصياته ستبنى على حقائق وأرقام وسياسات هيكلية واضحة، وليست فقط بناء على رغبات شخصية أو فردية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي