رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


السعودية سيولة هائلة .. وهوامير مترصدة

بدأت المؤشرات في سوق الأسهم تنتعش مع مطلع عام 2012، فشاهدنا سيولة عالية تتجه من قنوات الاستثمار الأخرى لتتربع في سوق الأسهم. مع العلم أن هذا السوق لا يملك المحفزات الحقيقية لاستقطاب كل هذه الثروات في محيطه البسيط. هذه السيولة تثبت بالدليل الحاجة إلى وجود قنوات استثمارية تحافظ على مصادر الأموال وتُنميها، تحقيقًا للفائدة الشخصية والمجتمعية.
من المُسَلَّم به أن وجهات الاستثمار في المملكة تعاني ندرة عالية في قنوات الاستثمار الآمن، ولذلك يبرز سوق الأسهم وسوق العقار كمتنفسين وحيدين لهذه الأموال لتنمو وتتحرك في محيطهما. فعندما ينتعش سوق العقار نرى السيولة تتدحرج من سوق الأسهم إلى هذا القطاع المتضخم، وما إن تصل نسبة التضخم إلى نسب غير محتملة وبتوجيه من محركي السوق، تعود الجموع زاحفة إلى السوق الأكثر جدلية وهي سوق الأسهم.
هل المشكلة في غياب بدائل الاستثمار، أم في ضعف قدرات المستثمرين؟ الحقيقة أنها مزيج من مجموعة عوامل تشكل فيها محدودية قنوات وبدائل الاستثمار العامل المحفز، ويكون ضعف القدرات هو العامل التابع أو الثانوي. منذ نشأة هيئة السوق المالية، وبدء فتح المجال للشركات الاستثمارية لإدارة وتشغيل المحافظ والصناديق الاستثمارية، إلا أن هذه الشركات لم تَحُزْ رضا واستحسان المستثمرين بمختلف فئاتهم، تبع ذلك ضعف أو تجاهل من الجهات الرسمية في التوعية أو فرض الاستثمار من خلال هذه الجهات المتخصصة. أما ضعف قدرات المستثمرين، فلا أؤمن به خصوصًا مع شريحة واسعة من المستثمرين، وهم مجتهدون، ولكن العوامل المضادة تغلبهم دائمًا. وقد يكون أكثر ما يلام عليهم هو عدم إيمانهم بقدرات الشركات المتخصصة في الاستثمار لإدارة وتشغيل أموالهم من خلال هذه الأوعية، وقد تكون لذلك أسباب عديدة، من أهمها الخيال الذي يروج لهم على أن الاستثمار في سوقي المال والعقار من السهولة بمكان، مع تطعيم ذلك ببعض الإشاعات التي تحقق أرباحًا مرحلية توقع بالكثير ولا ينجو منها إلا القليل، إضافة إلى ضعف الأنظمة والقوانين المنظمة والرادعة في الوقت نفسه. ومن الأنظمة المهمة التي لا يزال السوق في حاجة إليها، نظام حماية حقوق أقلية المساهمين، ووضوح أنظمة التقاضي في القضايا المالية والاستثمارية، وسرعة البت في هذه القضايا وحلها، حتى لا تفقد الأموال قيمتها الجوهرية، ولا يفقد المستثمر الثقة بمسيري السوق.
من المشكلات التي يواجهها المستثمر في السوق السعودي هو سيطرة بعض هوامير الاستثمار عليه سواء كان في سوق العقار أم في سوق الأسهم، فما إن ينتهي هوامير العقار من تجريد المستثمرين البسطاء من مدخراتهم، حتى يومِئوا إلى نظرائهم في سوق المال لتلقي ما بقي أو تجريد من سَلِمَ من تلك السوق غير العادلة. وتبقى هي دورة الحياة ادخارٌ وقروضٌ ثم استثمارٌ في سوق غير عادل بحثًا عن سراب الثراء، ثم عودة للجلوس على رصيف الديون فترة من الزمن.
حتى لا نكون سلبيين في النظرة فإن مجالات الاستثمار موجودة ومتاحة، ولا تحتاج إلى كثير من التنقيب للكشف عنها، هي في حاجة إلى إرادة من الجهات الرسمية لفتح مجالات الاستثمار أمام فئات المستثمرين كافة. وإيجاد القنوات التي تستوعب مدخراتهم وتعطيهم العائد المجزي والنافع في الوقت نفسه. ثقافة تكوين الوحدات الاستثمارية غائبة تمامًا عن المجتمع السعودي، بل إن مجمل الاستثمار المحلي بيد القطاع الحكومي، أو بيد الاستثمار العائلي. الأول أمر محمود أن تساهم فيه الدولة لضمان تنمية واستقرار المجتمع، أما الثاني فنموه يشكل أكبر خطر على حياة المجتمعات الاقتصادية؛ لأن تركيز الأموال في أيدي فئات بسيطة يقتل أي فرص لظهور استثمارات جديدة، ويجعل السوق سوقًا احتكاريًّا كما نراه الآن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي