رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


أسواق النفط تشهد وفرة في الإمدادات

إن مسار أسواق النفط وأسعار النفط خلال الفترة المتبقية من عام 2012 تطغى عليها المفاجآت، أساسيات السوق وكذلك العوامل الجيوسياسية. من الواضح جدا أن الضغوط من جانب الطلب على النفط في الوقت الحاضر هي بصورة رئيسية بالاتجاه السلبي، في حين أن عدم اليقين بخصوص إمدادات النفط هي أكثر توازنا في الوقت الراهن، لكن حتى مع ضعف الطلب على النفط، قوة ردود الفعل النسبية على الأنباء الاقتصادية الجيدة من الولايات المتحدة واليابان أو الأنباء الاقتصادية السيئة من أوروبا قد تأخذ الأسواق في أي من الاتجاهين بغض النظر عن وفرة الإمدادات. علاوة على ذلك يلعب المشاركون في أسواق النفط الآجلة (البراميل الورقية) وفي الشحنات الفعلية دورا في تحديد اتجاه أسواق النفط.
حالة المخزون النفطي تؤثر أيضا في عدم اليقين في الأسواق بسبب عدم وجود معلومات جيدة ودقيقة بصورة خاصة في مخزون البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية، وأيضا في المخزون التجاري المستقل ولو بصورة أقل. من الواضح أن المخزون التجاري المستقل والمخزون الاستراتيجي في البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية هما في الاتجاه التصاعدي، لكن المخزون التجاري المستقل يتأرجح أحيانا صعودا وهبوطا مع توقعات المخاطر الجيوسياسية والحوافز المالية، مع هيكل الأسعار الحالي في حالة التراجع Backwardation، أي أن أسعار الشهر الفوري هي أعلى من أسعار الأشهر اللاحقة، فإنه ليس هناك حافز مالي لتخزين النفط.
مع ذلك من المتوقع أن يشهد الربع الأول من عام 2012 ارتفاعا في المخزون النفطي العالمي على غير العادة بنحو 1.4 مليون برميل يوميا، ومن المتوقع أن يشهد الربع الثاني فائضا أكبر بنحو 1.9 مليون برميل في اليوم. في حين من المتوقع أن يشهد النصف الثاني من العام بعض التشدد، لكن التوازن بين العرض والطلب سيستمر لمصلحة العرض.
يرى البعض أن الارتفاع المتوقع في المخزون النفطي العالمي لهذا العام هو في الأساس لإعادة التوازن، بعد أن انخفض بنحو 650 ألف برميل في عام 2011، يعود السبب لهذا الانخفاض بصورة رئيسة إلى تعليق صادرات النفط الليبية والإفراج لاحقا عن بعض من المخزون الاستراتيجي من قبل وكالة الطاقة الدولية. الجزء الأكبر من ارتفاع المخزون النفطي لهذا العام يعكس حالة من المخاوف في الأسواق، خصوصا تلك المتعلقة بالمخاوف الجيوسياسية، يعكس أيضا النمو في مستودعات التخزين التجارية في بعض اقتصاديات الأسواق الناشئة، والحاجة في بعض هذه البلدان، مثل الصين، إلى دعم الاحتياطي الاستراتيجي. في كل من الحالتين الأخيرتين، بعض كميات النفط المخزنة يجب أن تكرس فقط لملء خطوط الأنابيب وقيعان الخزانات في المنشآت الجديدة.
لقد ساهمت الدول المنتجة والمستهلكة للنفط بصورة كبيرة في تأرجح المخزون النفطي العالمي، خاصة في منطقة الشرق الأوسط. حيث إن إيران كانت تعبئ الخزانات العائمة منذ فترة، ويعتقد أيضا أن المملكة العربية السعودية تقوم بملء الخزانات المحلية وهي تقوم أيضا بنقل المزيد من النفط إلى ساحل البحر الأحمر في الغرب للتخفيف من التهديدات الحقيقية أو المفترضة لحركة المرور عبر مضيق هرمز. بغض النظر عن التخزين لدوافع جيوسياسية، عادة ما تقوم المملكة برفع مستوى المخزون النفطي في هذا الوقت من السنة للتحضير للارتفاع المتوقع في الطلب على النفط من جانب قطاع توليد الطاقة في فصل الصيف.
من المتوقع أيضا أن تتفاعل الدول المنتجة للنفط مع ضعف الطلب في البلدان الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية، الذي من المتوقع أن ينخفض بنحو 200 ألف برميل في اليوم هذا العام، هذا الانخفاض سيأكل من نمو الطلب على النفط في البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية، الذي من المتوقع أن ينمو بمعدل 1.0 مليون برميل في اليوم فقط ما يعكس بعض التباطؤ في الصين وغيرها من الاقتصادات الآسيوية.
من ناحية العرض، الإمدادات النفطية من المنتجين من خارج دول منظمة الأقطار المصدرة للنفط Non-OPEC استمرت في تحدي التوقعات من وصول الإنتاج النفطي فيها إلى ذروته، حيث إن إنتاج السوائل الهيدروكاربونية في هذه الدول، بما في ذلك الوقود الحيوي، من المتوقع أن يرتفع بنحو 0.7 مليون برميل في اليوم هذا العام، على الرغم من التوقفات غير المخطط لها في بحر الشمال وكندا، فضلا عن النزاعات الجيوسياسية في إفريقيا والشرق الأوسط. أكثر من 300 ألف برميل في اليوم من هذه الزيادة من المتوقع أن تأتي من الولايات المتحدة فقط على خلفية ارتفاع إنتاج النفط من طبقات الرمال المتراصة أو المحكمة Tight Oil الغنية بالنفط في حوض باكن Bakken في ولاية داكوتا الشمالية، ومن طبقات السجيل الغازي الغنية بالنفط في ولاية تكساس وانتعاش الإمدادات من المياه العميقة في خليج المكسيك.
إضافة إلى ذلك، إنتاج دول منظمة أوبك من سوائل الغاز الطبيعي والمكثفات النفطية والسوائل النفطية غير التقليدية من المتوقع أن ينمو أيضا بنحو 0.4 مليون برميل يوميا في عام 2012. إن النمو المتوقع في 2012 في إنتاج الدول من خارج ''أوبك'' وإنتاج دول منظمة أوبك من السوائل النفطية عدا النفط الخام سيفوق جميع النمو المتوقع في الطلب العالمي على النفط، ما لا يترك مجالا لإنتاج النفط الخام من ''أوبك'' في النمو. مع ذلك، ارتفع إنتاج ''أوبك'' من النفط الخام في شباط (فبراير) إلى نحو 31.0 مليون برميل في اليوم، أي نحو 1.0 مليون برميل في اليوم أكثر من الهدف المتفق عليه.
لكن على الرغم من الوفرة في الإمدادات النفطية وضعف نمو الطلب العالمي على النفط، إلا أن التوتر حول برنامج إيران النووي لا يزال يلقي بظلاله على أسواق النفط ويضع ضغوطا تصاعدية على أسعار النفط الخام على الرغم من أن العقوبات الأوروبية لا تصبح نافذة المفعول حتى فصل الصيف.من المتوقع أن تستمر حالة التوتر في الأسواق حتى تنتهي هذه الأزمة أو تخف وطأتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي