رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


يا ليت الشريف يزور الرصيف

بعد عدة خطوات ماشياً على الرصيف الجديد على طريق الملك عبد الله بدا واضحاً أن تنفيذ الأرصفة يحمل رسالة واضحة إلى الشريف: الفساد ظاهر على الرصيف. الأرصفة في بريطانيا وفرنسا عمرها عشرات السنين وما زالت تتحدى ظروف المطر والثلوج، بينما أرصفة طريق الملك عبد الله لم تنتظر حتى موسم المطر الأول ولم يتعد عمرها عشرات الأسابيع. بصمات منظومة الفساد واضحة. لا يمكن اتهام الرصيف بالانتحار مبكرا، ولذلك لا بد من مقصر في هذه المنظومة التي تقاسمت الذنب والمصالح.. يا ليت الشريف يزور الرصيف.
الحفر والعيوب في الرصيف تحمل بصمات هذه الجهات ومسؤوليها الكبار والمتعاقدين المباشرين وغير المباشرين، ولا يمكن لهم أن يتخفوا خلف سلامة العمل الورقي والدورة المستندية النظيفة. الرصيف يختزل المشروع التنموي في المملكة. أصبح الرصيف مريضاً متعباً ومجهداً في طفولته ولم يحظ بزيارة من المنفذ والمشرف والممول والمستفيد.. يا ليت الشريف يزور الرصيف.
الدائرة الإدارية معروفة، الجهة المستفيدة تطرح عطاءاتها مثقلة بآراء الاستشاريين من كل نوع وصوب، ويتقدم مَن يتقدم أو قد يكون المشروع بالأهمية والحجم، حيث لا يكون هناك حاجة إلى تأهيل، ثم يبدأ بالتنفيذ في ظل مراقبة رسمية من جهات مؤثرة وكبيرة، ولكن تنتهي المراقبة الفعلية لموظف صغير قليل الأجر وقبلها يبدأ المتعهد بتوظيف متعهدين من الباطن وحتى عمالة سائبة أحيانا؛ ولذلك يولد رصيف ضعيف مريض.. يا ليت الشريف يزور الرصيف.
عزاء الرصيف الوحيد أن له إخوة وأخوات في شوارع كثيرة، هؤلاء يئنون ويتوجعون ويعرفون أن المسؤول والمستفيد من خلف الدورة الإدارية المستندية لن يزورهم، فهؤلاء مشغولون بالتخطيط لأرصفة جديدة وليس لديهم الوقت حتى لزيارة أبنائهم وبناتهم. ولعل لسان حالهم يقول إن الأرصفة كثيرة ولا بد من ضحايا.. يا ليت الشريف يزور الرصيف.
زيارة الرصيف ستعلمنا الكثير وسنستطيع مسك الخيط، فكل من وقع ورقة ورئيسه المباشر حتى ولو لم يوقع مسؤول أخلاقياً وقضائياً، وإذا لم نلاحقه قضائياً فستموت كل الأرصفة ونبقى مدينة دون أرصفة، فمن دون أرصفة تتآكل الطرقات ومن دون طرقات تتآكل البنية التحتية. قبل أن تموت الأرصفة.. يا ليت الشريف يزور الرصيف.
المستفيدون من مرض الأرصفة موجودون معنا وبيننا ونعرفهم، ولكن الشريف وحده قد لا يعرفهم، لعله مشغول بما هو أهم من الأرصفة فمَن يلومه؟ الأرصفة اليتامى كثيرة ولا بد من جهاز وجدول معقد لترتيب زيارة الأرصفة.. يا ليت الشريف يزور هذا الرصيف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي