أي مؤشر نقرأ في الإقبال على معرض الكتاب .. الاستهلاك أم الوعي؟
نقاط لافتة يمكن الوقوف عليها في معرض الرياض الدولي للكتاب بنسخة هذا العام، بينها بروز نجم الناشر السعودي لا من حيث القدرة على تسويق الكتاب فقط، إنما جودة المنتج الثقافي، دور نشر محلية خرجت من الرياض والشرقية وغيرها من مناطق باتت محط الرحال، وعلى خط تنافس كبير مع عدد من دور النشر اللبنانية التي عرفت بقدرتها وتفننها في التقاط جمهورها في مثل هذه المناسبات الكبيرة.
المعرض هذا العام سجل عددا من النقاط لمصلحة حضوره الدولي وقبل ذلك المحلي، بل فتح المجال إلى حد كبير للكتاب ليسير بحرية أكثر بين أرفف الناشرين، رغم شعور البعض بأن كثيرا من العناوين المعروضة تتقارب من حيث العناوين والخطوط العامة.
#2#
يمكن كذلك أن نلاحظ رسوخ حفلات توقيع الكتب، أكثر من كونها (تقليدا)، حيث استئناس الناس بها خصوصا حين يجدون أنفسهم أمام نجوم مواكبين للمرحلة طالما ألفوهم عبر القنوات الإعلامية المختلفة، ووسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت.
كل ذلك جميل ويبعث السرور، إلا أنه يبقى عدد من الأسئلة المشروعة التي تدور في ذات الأفق من قبيل: هل انعكس ذلك الحراك الجماهيري الرائع، الذي جعل معرضنا يتصدر قائمة أشهر المعارض الدولية التي سبقتنا تاريخا وتنظيما على وعينا الثقافي؟ أما أن المسألة لا تعدو كونها - كما يرى البعض- ثقافة استهلاك وشهوة شراء واقتناء طالما تعودناها في بعض المواسم كما يحدث في شهر رمضان والعيدين؟
أتصور أننا نحتاج كثيرا إلى وضع مؤشر ثقافي يكشف هذه المرة ليس عن عدد مبيعاتنا للكتاب التي سهلتها وسائل التقنية الحديثة، ولا عن حجم مشاركة الناشر، إنما يعرفنا بحجم ما وصل إليه وعينا وتفكيرنا ونحن نحتضن كل عام عشرات المواسم الثقافية الجماهيرية إلى جانب معرض الكتاب الدولي.
وهنا نتساءل: إذا كان الكتاب معنيا قبل كل شيء بتوسيع دائرة المعرفة لدى مقتنيه، ومعنيا كذلك بفتح آفاق من الأسئلة حول المعرفة، وهو من أهم مؤشرات البناء المتكامل للإنسان، وقد وصفه أسلافنا: "وخير جليس في الحياة كتاب" .. فهل نحن مع كل هذا الحرص المتراكم عاما بعد عام نعيش حالة وعي حقيقي وتراكما ثقافيا يمكن أن نعول عليه في فهم ما يدور حولنا؟ وأكثر من ذلك هو يضعنا أمام منصات التأمل والتفكير المنطقي، وقبل ذلك الحوار الحقيقي كي نفهم بعضنا ونثري عبر اختلافنا لا عبر تشرذمنا.
عضو مجلس إدارة نادي المدينة الأدبي ورئيس اللجنة الثقافية