جامعة الملك خالد.. ماذا بعد؟
أوصل طالبات وطلاب جامعة الملك خالد صوت جميع طلاب التعليم العالي. وأثبتوا بولائهم ووطنيتهم أنهم بناة مستقبل هذا الوطن، وضيعوا الفرصة على المرجفين في كل مكان ممن أرادوا أن يكسبوا من هذه الأحداث. وكان للتعامل المباشر من أمير المنطقة، رد فعل إيجابي ورائع على أطراف القضية. المسؤول تعامل بحنكة مع الشباب والشابات، وباللغة التي يفهمونها. لقد تنبهت الجامعة ووزارة التعليم العالي إلى الحاجة الماسة لتركيز الاهتمام على المخرج الأساس للجامعات، وعماد الأمة من طلاب وطالبات. وأن كل محتويات العملية التعليمية من أدوات ومبان وأموال يجب أن تستهدف النواة الرئيسة للجامعات وهم الطلاب والطالبات.
لم تكن مطالبات الطلاب والطالبات نوعا من البذخ، أو كسرا للقيود، بل كانت رسالة موجهة بأهمية استثمار هذه الطاقات وتوجيهها لخدمة الوطن. كانت رسالة للفت الانتباه لأهمية إشراكهم في الحياة العلمية والثقافية والمجتمعية. طلاب المرحلة الجامعة يعيشون في فترة تحول عظيمة من التعليم بالتلقين إلى التعليم بالمشاركة والتفاعل. طلاب هذا الزمن ليسوا كطلاب السنين الفائتة، طلاب هذا الزمان يملكون القدرات والمعرفة قبل أن يستقوها من قاعات الدرس، لذلك فمتطلباتهم وتطلعاتهم أعلى من سياسة التلقين، أو من تقييد قدراتهم وحرياتهم. لهم الحق في المشاركة في بناء المجتمع، خدمة دينهم ووطنهم، ومن الواجب إكرامهم وتحسين البيئة التعليمية التي يعيشون فيها، وفاء للعطاء الذي تقدمه الدولة والقيادة خدمة للتعليم العالي.
عودا لحالة جامعة الملك خالد، وخلال ما يزيد على عقد من الزمن، نشأت هذه الجامعة في أصعب الفترات المالية التي مرت على المملكة، فترة "ربط الحزام"، ومع ذلك كان لتأسيسها ردة فعل إيجابية على قطاع واسع من المستفيدين. تطورت فيه الجامعة من أربع كليات في فترة التأسيس إلى ما يقارب 40 كلية الآن. وتطورت أعداد الطلاب بشكل كبيرا جدا، فحين كان عدد طلاب الجامعة في العام الجامعي 1421/1422هـ (11206) طلاب، قفز العدد في عام 1429/1430هـ، وبعد ضم كليات البنات إلى ما يقارب 50 ألف طالب وطالبه. يخدم هذا العدد من أعضاء هيئة التدريس في عام 21 ــ 22 (603) ويصل في عام 1429 ـــ 1430هـ إلى (1984) منهم (1342 ذكر، 642 أنثى).
من الأرقام السابقة يتضح حجم الضغط الهائل المُنصب على الجامعة لتوفير البيئة التعليمية المناسبة، خصوصا أن الجامعة لم تكن تمتلك المقومات الأساسية لبناء جامعة تنافس بقية الجامعات التي سبقتها. لقد أثقلت الجامعة بتركة ثقيلة جدا بعد ضم كليات البنات التابعة للرئاسة العامة لتعليم البنات (سابقا) إلى الجامعات. كان لزاما أن تعيد الجامعة هيكلة أعمالها، وهيكلة هذه الكليات لتتناسب مع متطلبات الجودة التي تطالب بها وزارة التعليم العالي، مع عدم الإخلال بالعملية التعليمية للطالبات اللاتي تحملن عبء التحول بين النظامين.
بعد كل هذا، وصل صوتكم يا طلاب وطالبات الجامعة. وأًصبحت متطلباتكم على قائمة الاهتمامات للجامعة وللوزارة. قد يكون هناك قصور في التواصل معكم في زمن مضى، ولكنكم أعدتم صياغة واختصار قنوات الاتصال المهترئة، وأصبح صوتكم واضحا جليا لدى من وُضعوا لمساعدتكم لتكونوا أعضاء بناء فاعلين لمستقبل وطن ينتظر منكم رد الجميل. ولا بد من أن تساهم قطاعات مختلفة في الدولة في هذه الصحوة. وأقصد هنا الوزارات ذات العلاقة مثل وزارات التخطيط، والمالية، والعمل والشؤون الاجتماعية. فالأمر يهمكم جميعا ويجب أن تتنبهوا له وتتنبئوا بمستقبل وطننا الذي نريده عزيزا شامخا، وتعملوا من أجل ذلك.