«الرقابة».. وإمكانية إشراك القطاع الخاص
تنوَّعت التعريفات حول ''الرقابة''، لكن أغلبها تمحور حول التأكد من أن كل شيء في المنظمة أو الجهة يتم وفق الخطط الموضوعة والتعليمات الصادرة والمبادئ المعتمدة، بهدف كشف مَواطن الضعف وتصحيحها، حيث تختلف الرقابة بين جهات داخلية وأخرى خارجية تمارس الرقابة في منظمات الأعمال، وفي الوقت ذاته قد تكون هناك جهات أخرى ترد من خارج الجهات لتمارس الرقابة على الأداء لاعتبارات نظامية أو قانونية وذلك بمعرفة مفتشي التصرفات المالية أو باحثي المواصفات والجودة الذين يتبعون الأجهزة المركزية للمحاسبات كديوان المراقبة العامة، ووزارة التجارة، والأمانات، والصحة، أو هيئة الرقابة على المواصفات القياسية، أو الهيئات العالمية لمنح شهادات الكفاءة الدولية كشهادات الآيزو وغيرها، وذلك بغرض التأكد من مدى تحقيق الأهداف العامة والفرعية للخطط المرسومة المعتمدة، والتأكد من مدى مطابقة الأداء الفعلي للمسارات التي تفرضها الخطط المرسومة، إلى جانب اكتشاف الانحرافات السلبية تمهيدا لتناولها بالدراسة والتشخيص لمسبباتها الرئيسة والفرعية، وبالتالي اقتراح أوجه العلاج المناسبة في الوقت المناسب، كذلك التأكد من مدى مناسبة كل من الموارد البشرية والمادية لمتطلبات الخطط كما ونوعا ووقتا، والتأكد من الاستخدام الكفء لكل من الموارد المتاحة والمرتقبة بما يتفق ومتطلبات الخطة، والتأكد من أن الأداء التنفيذي يسير وفقا للسياسات والإجراءات التفصيلية المفسرة للخطة العامة.
إن كثيرا من إداراتنا وجهاتنا الحكومية التي يتطلب عملها الإشراف على التأكد من تطبيق بعض اللوائح والأنظمة أو التفتيش للتأكد من الالتزام ومدى تطبيقه، تشتكي من عدم توافر الموظفين والكوادر التي تعمل على تحقيق أحد أهداف تلك الإدارات، وبالتالي تذمر المستفيدين من الخدمة المقدمة، ومن عدم قيام هذه الإدارات بمسؤولياتها ومهامها على أكمل وجه، ومن ثم نجد القصور في الأداء وصعوبة الوصول إلى الهدف.
وهنا أضرب مثالا بسيطا في صعوبة قيام بعض الجهات في أداء عملها نظرا لقلة الكادر، حيث إن لدينا مئات الآلاف من المحال التجارية والشركات والمؤسسات والمصانع في جميع مناطق المملكة ولا يستطيع تغطيتها عدة مفتشين حتى مع زيادة عددهم في الفترة الأخيرة، وقس على ذلك الجهات التي لها الدور الرقابي نفسه أو الأجهزة الحكومية في مراقبة ما يخصها.. هنا لا بد من إيجاد حلول تواكب النمو في الجهات التي تخضع للرقابة، فإذا لم نستطع مثلا توفير عدد كافٍ من الوظائف في تلك الجهات الحكومية، فهل نتنازل عن الدور الرقابي أو نتجاهله؟ بالطبع لا.. إذن نحن في حاجة إلى زيادة الرقابة، خصوصا الميدانية، لكن لدينا قلة كبيرة في عدد الموظفين وعدم قدرتهم على تغطية ما يكلفون به.. لذا لا بد من وجود حل وإيجاد آليات تفعل ذلك وتساند الدور الرقابي لهؤلاء الموظفين.
من وجهة نظري، إن لم يكن هناك عدد كافٍ من الموظفين فهنا لا بد من إشراك القطاع الخاص في العمليات الرقابية أو غيرها، وإسناد بعض المهام لهم بإشراف الجهات الحكومية وفق آليات شفافة يتفق عليها.. وخير مثال على ذلك عندما قامت إدارة المرور بتكليف إحدى الشركات بتخطيط حوادث السيارة داخل المدن بإشراف إدارة المرور ذاتها، كذلك إسناد مشروع مواقف السيارات في المنطقة المركزية في كل من الدمام والخبر لإحدى شركات القطاع الخاص، وتشرف عليه أمانة المنطقة الشرقية، إضافة إلى إسناد بعض مهام الكشف عن السلع لمختبرات من القطاع الخاص، وغيرها من المشاريع الذي أثبت القطاع الخاص قدرته الكبيرة على تحقيق الفائدة المرجوة منه.. فمن وجهة نظري الشخصية.. أرى أن قطاعنا الخاص أصبح لديه القدرة الكبيرة والإمكانات في إدارة المشاريع حتى إن كانت رقابية.