ماذا يريد نواف؟
يقول معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما: ''من طلب عظيماً خاطر بعظيم''، وهي عبارة تشرح فلسفة العزيمة والإصرار، تذكرت هذه المقولة وأنا أراقب ما يصدر عن أقطاب وإعلام الوسط الرياضي من بعد ما تقدم الأمير نواف باستقالته من رئاسة اتحاد كرة القدم والتي كسر بها العرف الإداري بديمومة المنصب وتقديس الكرسي فتساءلت ماذا يريد وإلى أين يرغب أن تسير به خطاه، صراحة لم أقتنع أن الهدف تغطية هزيمة أو امتصاص غضب الجماهير، وتملكتني هذه الفكرة بشكل أكبر بعد المؤتمر الصحفي الذي عقده محمد المسحل مدير المنتخبات مقدماً فيه خطة عمل متكاملة تتضمن أساليب معالجة القصور الحاصل، وهي رسالة يفهم منها أن فريق العمل مستمر وباق في منصبه، أتبعه خروج الأمير نواف بن فيصل في مساء الرياضية يعد ويبشر بأخبار تسر القطاع الرياضي والشباب بشكل عام، إذا صاحب القرارات القوية والشجاعة الذي أوقف العمل بلائحة الانضباط ووجه بدراستها وتلافي الأخطاء الواردة فيها وصادق على قرار عقوبة الوحدة لم يترك العظيم إلا خطبةً لأعظم.
هل الرغبة كانت البعد عن اختزال شخصه ومنصبه بكرة القدم ومزاجية لاعبيها فمتى كسبوا أصبح يقدم عملاً جيداً، وحين يخسرون كان هو المتسبب الأول في ذلك، أم أن الرغبة كانت هي البعد عن الجو الإعلامي الصاخب المصاحب لها والذي يسبب صداعاً لا شفاء منه إلا بالبعد عنها, فالجو خانق ولا يساعد على التفرغ للعمل على شؤون الشباب عامة بدلاً من حصر الجهد بالمجنونة وساحرة الملايين, فيكفي أن يرتفع في هرم إدارته ويترك كرة القدم لمن سبروا أغوارها وعرفوا خفاياها ليديروا شؤونها، فما الخطوة القادمة إذاً؟ وهل نستشرف مستقبل العمل من خلال حراك أقطابه الإدارية؟ فمقابلة وزير المالية في فترة سابقة والآن السعي لمقابلة وزير العدل من أجل إقرار لجنة فض المنازعات ـ المحكمة الرياضية ـ يفهم منها أن الوجهة القادمة تحقيق غاية طال انتظارها بتطوير النظام الإداري لرعاية الشباب، وتحديث أركانها ومن ثم السعي لتحويلها إلى وزارة فهو أمل وطموح منتظر فهي ليست أقل من وزارة العمل ولا وزارة الأوقاف قياساً بحجم منسوبيها والمهتمين بها.
وهل نرى خطوة أكبر تأثيراً بنجاح المساعي في الموافقة على ترميم البنية التحتية من ملاعب ومقار الأندية وتحديثها وإنشاء المزيد من الملاعب الحديثة المتطورة لكرة القدم, وهل نرى جرأة أكبر ومبادرة بشأن تخصيص الأندية وتحويلها لكيانات تجارية ففي هذه الخطوة حل لكثير من المشاكل الإدارية والمالية في الأندية والتي هي الأساس في العمل.
هل سنرى تنظيماً أكثر قوة وشفافية وقانوناً يفرض على الجميع ويتقبلونه بمنطق سلطة القانون؟ فأنديتنا حين رأت جدية الاتحاد الآسيوي حال مشاركتها في بطولاته انضبطت والتزمت ولكن شعورها بالتراخي داخلياً وسهولة تجاوز الأنظمة جعل الفوضى لدينا سرمدية ووجبة يومية نجيد تعاطيها بكل حرفنة.
الآمال كبيرة والطموح لا حد له ودائماً من رحم المأساة يولد البطل وتتحقق الرغبات فهل العمل القادم سيجعل النكسة أرضية صلبة يتكأ عليها ومنطلقاً تنطلق منه فرق العمل وتتوحد جهودها نحو إعادة التوهج من جديد.
الخاتمة
يقول همنغواي: ''الشجاعة هي القوة تحت الضغط''.