تراجع السوق أمر غير متوقع
عندما واجهت السوق السعودية معضلة الحركة والاتجاه التصاعدي خلال 2009 حتى 2011 لم ترتفع الأصوات حول الهبوط واستمراريته، وتركزت حول نقص السيولة ومبررات متعددة ولكن لم تشهد أي نوع من الاستنكار والتخوف من السوق وهبوطها، والآن مع تحسن السوق ونموها نجد أن الأصوات تتعالى حول استمرارية السوق ومدى معقولية مستويات الأسعار. المحرك الأساسي للسوق يكمن في قناعات المستثمرين حول مستويات الأسعار الحالية وحول توقعاتهم المستقبلية لربحية الشركات، وهل تمثل السوق فرصة مقابل الاستثمارات الأخرى. حاليا المستثمر لا توجد أمامه خيارات جذابة، فسوق العقار بلغت حدودا لا معقولة من حيث عوائدها ومن حيث أسعار منتجاتها وفي الوقت نفسه لو نظرنا البدائل الاستثمارية من صكوك وحسابات آجلة أو استثمارية أو صناديق استثمارية مضمونة لوجدناها ذات عوائد منخفضة وغير مقنعة، أي منخفضة مقارنة بالأرباح الموزعة من قبل الشركات المساهمة.
العوائد من البدائل نجدها في الغالب أقل من الزكاة وحتى المستقبل القريب لن نجد ما يغطى الوضع الذي يدعم جاذبية السوق واستمرار الطلب وتدفق السيولة آخذا في الحسبان ربحية الشركات واستمرار الربحية وتوزيعها. لذلك بناء التوقعات حول انهيار وتراجع السوق أمر غير متوقع في ظل الظروف الحالية وفي ظل نتائج أداء القطاعات واستمرار انخفاض سعر الفائدة في القطاع البنكي وتوافر السيولة الفائضة بهذا الحجم الكبير واستمرار الاتفاق الحكومي. الظروف الحالية والوضع السائد تجعل فوائض الأموال والسيولة تتجه بقوة لسوق رأس المال السعودية سوق الأسهم في ظل المغريات الحالية التي يوفرها الراغبون الاستفادة منها، فكثيرون يهتمون بالربح الموزع على استثمارهم وليس على السعر الحالي، مما يجعل الطلب مرتفعا والعرض أقل، ومع زيادة تحسن الربحية والتوزيع يتوقع أن ترتفع السيولة والطلب في مواجهة شح العرض. الوضع السابق يعطينا تفسيرا لما سيتم مستقبلا حول استمرارية السوق ولكم ربما لا تستمر ارتفاع الأسعار وربما تستمر السوق في اتجاه جانبي حتى تدعم التحرك الإيجابي تحسن ربحية الشركات. العملية يجب ألا تنظر لها كاندفاع من قبل السوق ولكن كتصرف عقلاني من المستثمر مبني على أسس صحيحة وآلية تسعير منطقية، ويجب ألا ندع الاندفاع للسوق يسيطر علي تفكيرنا المنطقي. المفترض أن يدرك المستثمر أن هناك سعرا مقبولا يجب ألا تتجاوزها السوق وأن التصحيح عند التجاوز أمر متوقع. فالطمع والاندفاع له عاقبة والمستثمرون ككل يعرفوا متى يجب عدم التجاوز.