رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل أضَرَّ الاستثمار العائلي بالتنمية المجتمعية؟

استمرارًا للحديث عن أهمية الاستثمار المجتمعي الذي يتيح الفرصة لإيجاد كيانات اقتصادية منتجة ترتبط بموارد وإمكانات كل مجتمع حتى تتحقق نظرة التنمية المستدامة، وبعد أن تحدثنا عن مخاطر كون السوق موردًا للمضاربات المالية الوهمية التي تضخم من القيمة السوقية، مع ثبات أو انخفاض القيمة الحقيقية له، التي عادة ما تنتج عنها كوارث مالية تؤثر سلبًا في المجتمع بأكمله. سيكون الحديث في هذا المقال عن دور الاستثمار العائلي، أو ما يعرف بالـFamily Businesses، وهل له دور ملحوظ في تنمية وارتقاء الوضع الاقتصادي للمجتمع، أو غير ذلك؟
في تقرير نشرته صحيفة ''الشرق الأوسط'' عن دراسة قدمتهاBooz & Company، فيما يتعلق بأهم المخاطر التي تحيط بالشركات العائلية في المملكة، جاء من بين تلك المخاطر ''الدور الكبير للشركات العائلية وأهميتها في اقتصادات البلدان''، هذا العامل يعد من أهم العوامل التي تهم المجتمع المحيط بهذه الشركات. كثير من هذه الشركات تعمل في بيئة احتكارية، ولا تتاح الفرصة لشركات أجنبية أو حديثة للدخول في السوق بسبب هذه الملكيات. وإذا عرفنا أن هذه المخاطر ليست بمخاطر عادية، وإنما هي من المخاطر شديدة التأثير في الاقتصاد الكلي وفي المجتمع المحلي. خصوصًا إذا عرفنا أن نسبة استمرار الشركات العائلية إلى ما بعد الجيل الثالث نسبة قليلة جدًّا، ويؤكد ذلك السيد Andrew Hope-Morley كبير الاستشاريين للثروات العائلية وإدارة الثروات في بنك HSBC، حيث يقول ''إن 96 في المائة من الاستثمارات العائلية لا تستمر حتى الجيل الثالث من العائلة، وتنتهي بانتهاء الجيل الثاني التقليدي. ويرجع هذا إلى فشل الاستثمار ذاته، ولكن عادة ما تكون العائلة هي سبب فشل استثماراتها''. ''صحيفة الشرق الأوسط''.
إذًا؛ يمكنا القول هنا إن هذه الاستثمارات لا تعمل لصالح المجتمع المحيط بها، كما أنها لا تساهم في تحقيق التنمية المستدامة التي يجب أن تكون موازية للتنمية الحكومية حتى يجد المجتمع في هذه الاستثمارات الفرصة والأمان. وحتى لا تترك الفرصة سانحة لحدوث مشكلات قد تضر بالمجتمع، يجب على الجهات الرسمية التوجه لدعم الاستثمار المجتمعي، الذي يقوم على فلسفة توزيع الملكيات وبناء الكيانات الاقتصادية المتعددة والمتنافسة في سوق حر، حتى تندمج بهذه المجتمعات وتقضي على مساوئ الاستثمار الفردي.
كثيرة هي مشكلات هذا النوع من الاستثمار وهي مشاهدة للجميع، من أهمها خفض الأجور والاعتماد على العمالة الوافدة غير المستقرة في البلد، مما يساهم في تضخيم أرقام البطالة بين الشباب، أيضًا تكوين تكتلات اقتصادية تحارب في الخفاء ظهور أي فرص فردية أو من خارج إطارها من خلال التأثير المالي وتجفيف منابع التمويل، حتى تبقى متفردة في هذه الأسوق، تكوين ثروات هائلة تتم إعادة استثمارها في خارج البلاد، ما يضر بالمستقبل الاقتصادي للوطن، وعدم الاهتمام بالموارد المجتمعية المحيطة من بيئة وموارد طبيعية، بل يتم استنزافها بكامل الطاقات الإنتاجية الممكنة. الأهم من كل ذلك، عدم المساهمة في تنمية المجتمع تعليميًّا، وصحيًّا وأمنيًّا، وأغلب حالات المساهمة تكون إرضاء لطرف ثالث أو ضمن السياسات التسويقية لهذه الكيانات.
بالتأكيد لا يمكن أن نعمم هذا الحديث على كل شركاتنا، ولكن هذه النوعية موجودة، ونأمل أن تنقرض من مجتمعاتنا قريبًا، وأن يكون اهتمام المسؤول الأول دائمًا هو تنمية المجتمع قبل منح الفرص الاستثمارية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي