رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


وعد الشمال.. وعد ملك وكفاءة مسؤول وطموح مواطن

يعود تاريخ اكتشاف معدن الفوسفات في منطقة أم وعال إلى عام 1996 عندما أسهمت جهود الاستكشافات المعدنية في اكتشاف معدن الفوسفات باحتياطات قدرها الخبراء الجيولوجيون بنحو 236 مليون طن متري وبدرجة تركيز تقارب 20 في المائة من أكسيد الفوسفور.
يشير تقرير ''الاستكشاف المعدني في المملكة العربية السعودية'' الصادر من هيئة المساحة الجيولوجية إلى أن هذه المرحلة الزمنية تمثّل المرحلة الثانية من أصل ثلاث مراحل زمنية من مسيرة التعدين في المملكة. حيث بدأت المرحلة الأولى في 1934 عندما وجه المؤسس الملك عبد العزيز- طيب الله ثراه - بدراسة أوضاع المياه والنفط والمعادن في المملكة واستمرت حتى 1963. ثم بدأت المرحلة الثانية في 1963 بإجراء المسوح الجوية المغناطيسية والخرائط الجيولوجية للمملكة واستمرت قرابة 25 عاما حتى 1998. وواصلت الجهود التعدينية مسيرتها منذ ذلك التاريخ حتى اليوم ضمن المرحلة الثالثة وتحت مظلة هيئة المساحة الجيولوجية.
من أهم نتائج هذه الجهود توثيق أكثر من خمسة آلاف موقع متمعدن في المملكة تمثّل مواقع المعادن اللافلزية، منها قرابة 2530 موقعا والمعادن الفلزية البقية الباقية. تتباين هذه المواقع بين مناجم ورواسب ومكامن وتواجدات وشواهد معدنية. ومن أهم نتائج هذه الجهود كذلك اكتشاف معدن الفوسفات في حزم الجلاميد في 1994 ومنطقة أم وعال في 1996. وعلى الرغم من تواضع عدد المواقع المكتشفة للفوسفات، إلا أن إجمالي مخزونهما الاحتياطي احتوى على قرابة 650 مليون طن متري موزع درجة تركيزها بين 15 و20 في المائة من أكسيد الفوسفور، حسب تقرير هيئة المساحة الجيولوجية أعلاه.
تطورت الجهود التعدينية بعد اكتشاف الفوسفات في منطقة أم وعال في مشروع عرف باسم مشروع الخبراء لتأخذ الطابع الاقتصادي من خلال تحويل الفوسفات إلى مواد صناعية أساسية ومتخصصة. من أهم هذه المستهدفات الصناعية تحويل الفوسفات إلى حامض الفوسفوريك، ومركزات الفوسفات، وحامض الكبريتيك، وحامض الفوسفوريك، وفوسفات الكالسيوم، ومادة بولي فوسفات الصوديوم الثلاثية. مجموعة من المواد الصناعية الأساسية والمتخصصة الداخلة في مجموعة من الصناعات التحويلية كالمنظفات، والأسمدة، والمواد الغذائية، والأعلاف.
سيتم تحقيق هذه المستهدفات الصناعية، بعون الله تعالى، عن طريق الإنشاء المبدئي لسبعة مصانع قائمة على بنية تحتية صناعية متكاملة تمكنها من التوسّع الأفقي في إنتاج مشتقات الفوسفات والتوسّع العمودي في إنتاج منتجات تعتمد على مشتقات الفوسفات. سترتبط هذه المنظومة الصناعية بمدينة رأس الخير عبر شبكة سكة الحديد لتحقيق التكامل الصناعي مع منشآت رأس الخير التعدينية والتصدير عبر مينائها البحري. وستستثمر هذه المنظومة الصناعية وجود الغاز الطبيعي والكبريت في منطقة حزم الجلاميد لإنتاج منتجات صناعية ذات ميزة تنافسية تؤهلها لتقدم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني عبر مركز رئيس للصناعات الفوسفاتية في خريطة العالم الفوسفاتية.
تشير خريطة العالم الفوسفاتية إلى أكثر الدول طاقة إنتاجية سنوية للفوسفات في العالم. حيث تتبوأ الصين القائمة (65 مليون طن متري)، فالولايات المتحدة (26.1 مليون طن متري)، فالمغرب (26 مليون طن متري)، فروسيا (عشرة ملايين طن متري)، فتونس (7.6 مليون طن متري)، فالأردن (ستة ملايين طن متري). يشير المهندس خالد المديفر الرئيس التنفيذي لـ ''معادن'' السعودية إلى أن منشآت الشركة في وعد الشمال تستهدف أن يبلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية 16 مليون طن متري. يضاف إلى ذلك قرابة 11 مليون طن متري منتجة من منطقة حزم الجلاميد. ستؤهل هذه الطاقة الإنتاجية صناعة الفوسفات في المملكة إلى أن تصبح ثالث أكبر منتج عالمي للفوسفات بعد الصين والولايات المتحدة. وإذا ما أخذنا في الاعتبار حجم الاحتياطات الفوسفاتية في منطقتي أم وعال وحزم الجلاميد، فإن صناعة الفوسفات ستستمر في هذه المكانة خلال الأربعين عاماً المقبلة، بعون الله تعالى وتوفيقه.
واستدامة صناعة الفوسفات السعودية في الخريطة العالمية ستتيح فرصة للاقتصاد السعودي للتأثير والتأثر بتطورات سوق الفوسفات العالمية. يشير تقرير مستقبل الفوسفات الصادر من مجموعة وحدة أبحاث السلع إلى أنه يتوقع أن ينمو الطلب على الفوسفات خلال العقد الحالي بعد التراجع الذي عاناه خلال العامين الماضيين. وأحد الدوافع لهذا الازدهار ظهور تقنيات إنتاج جديدة استثمرها مصدرو الفوسفات لزيادة الطاقة الإنتاجية وتقليل التكلفة بهدف الحصول على نصيب مجد اقتصادياً من الطلب في سوق الفوسفات العالمية.
علاوة على تقنيات الإنتاج، فإن انعكاسات الإنتاج على البيئة تمثّل أحد التحديات التي تواجهها صناعة الفوسفات. حيث سيتناول المجتمعون في مؤتمر الفوسفات العالمي نهاية الشهر الحالي في مدينة الجديدة المغربية التقنيات المثلى الهادفة إلى تقليل الانعكاسات البيئية من إنتاج الفوسفات.
تقودنا هذه التطورات في صناعة الفوسفات إلى التأكيد على أهمية أن تصبح صناعة الفوسفات السعودية صناعة مثلى في التأثير في السوق العالمية بما يحقق مستهدفها المتمثل في إضافة 15 مليار ريال سنوياً للناتج المحلي الإجمالي وبما يتوافق وتوجهات الاقتصاد الوطني في تحقيق التكامل الصناعي مع الصناعات النفطية والبتروكيماوية والتحويلية المتقدمة، حسب تصريح وزير البترول والثروة المعدنية.
لعلي أسترجع بعد قراءة مستقبل صناعة الفوسفات السعودية جملة من الخطاب الضافي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - في مجلس الشورى بمناسبة افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة الرابعة للمجلس قبل ستة أعوام. حيث قال - حفظه الله: ''سنحرص على مكافحة الفقر والاهتمام بالمناطق التي لم تحصل على نصيبها من التطور وفقا لخطط التنمية المدروسة''. يمثل قرار مجلس الوزراء الموقر قبل أسبوعين بالموافقة على إنشاء مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية لبنة جديدة من لبنات خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - في الاهتمام بالمناطق التي لم تحصل على نصيبها من التطور.
صدر وعد وتبقى تحويل هذا الوعد إلى حقيقة، ومسؤولية التحويل الطموحة هذه تقع على عاتق كل مسؤول مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة سواءً كانت مسؤولية رئيسة أو ثانوية في تحويل وعد الشمال إلى رافد أساسي من روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة. مسؤولية مقرونة بالتفاؤل والثقة والطموح في أن يسجل تاريخ الاقتصاد السعودي صفحة مشرقة جديدة كما سجّل من قبل صفحات الصناعات النفطية والبتروكيماوية. إن صدور قرار مجلس الوزراء الموقر بالموافقة على إنشاء مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية قرار مقرون بالتفاؤل بالارتقاء بالاقتصاد الوطني في خريطة العالم الاقتصادية، وبالثقة بجميع المسؤولين بترجمة وعد الشمال إلى حقيقة ملموسة، وبالطموح ببلوغ تطلعات المواطنين في تحقيق المزيد من التميز التنموي، بعون الله تعالى وتوفيقه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي