رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الآفاق المستقبلية لصناعة الغاز الطبيعي المسال العالمية

على مدى السنوات القليلة الماضية اكتسب الغاز الطبيعي قبولا استثنائيا باعتباره الوقود المفضل لأسباب عديدة، في هذا الجانب تشير بعض التوقعات الحديثة بشأن مستقبل الطاقة إلى أن الغاز سيتفوق على الفحم ويصبح ثاني أكبر مصدر للطاقة في العالم بحلول عام 2030، أو قبل ذلك.
صناعة الغاز الطبيعي المسال العالمية شهدت بالفعل عددا من المتغيرات في السنوات الأخيرة، ومن المتوقع أن تشهد أيضا المزيد من المتغيرات في هذا العام والأعوام القادمة، حيث من المتوقع أن يبدأ قريبا تشغيل عدد من مشاريع تصدير الغاز الطبيعي المسال التي تعتمد على مصادر الغاز غير التقليدية، وأن تنضم بلدان جديدة إلى قائمة مستوردي الغاز الطبيعي المسال، والاكتشافات الجديدة للغاز جعلت من الممكن قيام مشاريع لتصدير الغاز الطبيعي المسال في مناطق جديدة من العالم.
التطورات السريعة التي حدثت في مجال إنتاج مصادر الغاز الطبيعي غير التقليدية غيرت من واقع صناعة الغاز الطبيعي المسال في العالم، خصوصا من مصادر الصخر الزيتي في أمريكا الشمالية والغاز من طبقات الفحم الحجري الأسترالي (Coal Seam Gas). كما أن اكتشافات الغاز الجديدة قبالة سواحل شرق إفريقيا قد تدفع موزامبيق وربما تنزانيا إلى مصاف مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، إضافة إلى ذلك، عدد البلدان التي تخطط لإنشاء محطات لاستيراد الغاز الطبيعي المسال مستمرة في التزايد بسرعة، سواء كانت هذه المحطات تقليدية على البر أو من نوع الحديث العائم في البحر.
مع وجود العديد من العوامل التقنية، التجارية والجيوسياسية التي تؤثر في فاعلية عمل أسواق الغاز الطبيعي المسال في العالم، فإن صناعة الغاز الطبيعي المسال ستواجه بالتأكيد العديد من التحديات في هذا العام وما بعده.
على الرغم من أن التوقعات الحالية تشير إلى أن أستراليا ستصبح أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، متجاوزة قطر بحلول عام 2020، إلا أن تحقيق هذا المستوى من النجاح غير مؤكد ويواجه العديد من التحديات، حيث لم تقدم أي دولة في العالم في أي وقت مضى على التخطيط لبناء هذا العدد الكبير من مشاريع تصدير الغاز الطبيعي المسال في نفس الوقت.
إن خطط التوسع الكبيرة لطاقات منشآت التصدير التي تقدم عليها أستراليا في الوقت الحاضر قد تتقلص نتيجة عوامل عدة، حيث إن العديد من مشاريع تصدير الغاز الطبيعي المسال المخطط لها تعتمد على احتياطيات الغاز من طبقات الفحم الحجري، التي تستخدم لأول مرة لدعم مشروع تصدير الغاز الطبيعي المسال، كما أن تكاليف إنتاج غاز طبقات الفحم مستمرة في الارتفاع، بما في ذلك تكاليف اليد العاملة، التي ارتفعت نتيجة النقص في اليد العاملة الماهرة.
إضافة إلى ذلك قامت الحكومة الأسترالية أخيرا بزيادة متطلبات التدقيق البيئي لمشاريع غاز طبقات الفحم، وأقرت ضريبة الكربون التي من شأنها أن تفاقم من تكاليف تشغيل محطات تصدير الغاز الطبيعي المسال. كل هذا وأسعار البيع التي تم الحصول عليها حتى الآن لمشاريع الغاز الطبيعي المسال التي تعتمد على احتياطيات الغاز من طبقات الفحم الحجري لم تكن مرتفعة بصورة كافية، هذه العوامل تشير إلى أن التوسع الكبير المخطط له في أستراليا قد يبدأ في التباطؤ.
الاكتشافات الجديدة الكبيرة للغاز الطبيعي قبالة سواحل شرق إفريقيا قد تجعلها من المناطق الواعدة لتصدير الغاز الطبيعي المسال، قد تصبح هذه المنطقة أيضا منافسا رئيسيا لأستراليا وغيرها من الدول المصدرة، لأن كلا من موزامبيق وتنزانيا تتطلعان إلى الانضمام إلى مصاف دول العالم المصدرة للغاز الطبيعي المسال. حيث من المتوقع أن تسهم احتياطيات الغاز الطبيعي الضخمة التقليدية التي اكتشفت في عامي 2010 و2011 في حوض روفوما في دعم اقتصاديات صادرات الغاز الطبيعي المسال في المنطقة. كما أن منطقة شرق إفريقيا تتمتع بموقع جغرافي جيد يمكنها من الوصول إلى الأسواق الآسيوية والأوروبية، مثل قطر.
قبل بضع سنوات تم تشييد محطات لاستيراد الغاز الطبيعي المسال في جميع أنحاء أمريكا الشمالية نتيجة تناقص إمدادات الغاز الطبيعي المحلي، لكن الآن ومع ارتفاع إنتاج الغاز من المصادر غير التقليدية فيها، كثير من هذه المحطات تحاول الآن أن تتحول إلى محطات للتصدير. المشاريع المختلفة لتصدير الغاز الطبيعي المسال في كندا في مقاطعة كولومبيا البريطانية في موقع جيد جغرافيا يمكنها من الوصول إلى الأسواق الآسيوية التي تعتمد على أسعار النفط في التسعير.
التأثيرات السلبية التي يتوقعها البعض من جراء استخدام التقنيات الحديثة في استغلال الغاز من طبقات الفحم ومن الصخر الزيتي، خاصة تلك المتعلقة بالمياه، وضعت هذه التقنيات عرضة للخطر من المتطلبات التنظيمية الحكومية الصارمة. على سبيل المثال، على الرغم من أن فرنسا لديها احتياطيات كبيرة من غاز الصخر الزيتي، حظرت الحكومة استخدام تقنية التكسير الهيدروليكي على نطاق واسع. لقد شهد عام 2011 عددا من الاحتجاجات ضد تطوير مصادر الغاز الطبيعي من طبقات الفحم الحجري في أستراليا والغاز الصخري في الولايات المتحدة وكندا، وغيرها، وهذه الاحتجاجات من المتوقع أن تستمر على الأرجح.
من ناحية الطلب، شهدت السنوات القليلة الماضية انضمام العديد من دول العالم، بما في ذلك هولندا، الأرجنتين، البرازيل، الكويت، تايلاند، والإمارات، إلى صفوف الدول المستوردة للغاز الطبيعي المسال. مع تزايد أهمية الغاز الطبيعي كمصدر للطاقة، من المتوقع أن يشهد العام الحالي أيضا زيادة في عدد البلدان المستوردة للغاز الطبيعي المسال.
وهذا الاتجاه يمكن أن يؤثر في محطة الاستيراد المتوقفة عن العمل في ألمانيا في أعقاب كارثة فوكوشيما النووية في اليابان، الأمر الذي عزز قرار ألمانيا بالتخلص التدريجي من الطاقة النووية. حيث أصبح الغاز الطبيعي الوقود البديل الرئيسي عن الطاقة النووية في الأماكن التي أوقفت أو أجلت المشاريع النووية بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.
من جانب الطلب أيضا أقرت إندونيسيا أخيرا مجموعة من الخطط لبدء استيراد الغاز الطبيعي المسال لتلبية الطلب المتزايد من قبل الصناعة المحلية، حيث من المتوقع أن تستقبل أول شحنات الغاز الطبيعي المسال في عام 2013. تضع فيتنام حاليا خططا لبناء طاقات استيرادية، ومن المستوردين المحتملين للغاز الطبيعي المسال في السنوات المقبلة كل من باكستان، السلفادور، أوروغواي، جنوب إفريقيا، البحرين، كرواتيا، الفلبين، أبو ظبي، وجامايكا. البعض من هؤلاء المستوردين المحتملين من المتوقع أن يقوموا بعقد اتفاقات لتوريد الغاز الطبيعي المسال ابتدءا من هذا العام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي