رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


إسرائيل وإيران: توازن القوى

إذا استبعدنا المدخلات المعنوية والعاطفية لحين، فالواضح أن المنطقة تعيش إرهاصات صراع بين إسرائيل وإيران للوصول إلى تحقيق القوة الإقليمية الأهم في المنطقة. أهلية ورغبة الطرفين غير متماثلة بسبب أن إسرائيل دولة محتلة وجزء من العالم الغربي. وحقيقة أن إيران دولة مارقة مكونها الأساسي قومي تحت غطاء أيديولوجي ونظرة فوقية تجاه المنطقة. المتنافسان يختلفان ولكنهما في اتفاق على الطموح والسيطرة.
تركيا تعيش حالة من التمزق في الهوية تمنعها من الانغماس في الصراع، فهي عضو في ''الناتو'' وتتمتع بأداء اقتصاد مفتوح، ولها هواجس سياسية من تنامي نفوذ إيران وإسرائيل على حسابها، ولذلك في المحصلة الأخيرة رأت أن تنأى بنفسها عن المخاطر العالية، ولعل دورها في سورية مثال حي على ذلك التردد. العرب في حالة أخرى من قبل وبعد ما يسمّى الربيع العربي. ما يميز إيران وإسرائيل هو النزعة الواضحة لاستخدام القوة ناعمة أو خشنة لتحقيق النفوذ الإقليمي. كما يبدو واضحاً أن الدول العربية، وخاصة الخليجية، لا ترغب في الحرب، ناهيك عن أن تكون طرفاً فيها في ظل هذه الوضعية. ما هي آفاق الصراع الإيراني - الإسرائيلي؟
تزداد التسريبات والتهديدات وتختلط المعلومة مع الدعاية، ولكن هناك ثوابت يصعب أن تفهم السياق دونها. فالغرب ومعه إسرائيل شدّد على أنه سيمنع إيران من امتلاك السلاح الذري، ولكن امتلاك المعرفة والوقوف قبل تطوير السلاح شيء وتأهيل السلاح شيء آخر. حصول إيران على المعرفة التسليحية الذرية اتجاه واضح في السياسة الإيرانية، ولذلك هناك توجه للصدام. لإيران هواجس مثبتة تاريخيا عن تدخل الغرب ونحن نقترب من الذكرى الـ 60 حين أسقطت الاستخبارات الغربية حكومة مصدق الوطنية المنتخبة في عام 1953.
لعل توقيت ساعة حسم الصراع يتطابق مع هذه الذكرى على الأبعد. إذ سندخل في تزامن عدة ساعات انتخابية حرجة، فهناك انتخابات في إيران، وانتخابات في أمريكا وفرنسا وإسرائيل، وساعة التجهيزات الإسرائيلية، وساعة التكنولوجيا الإيرانية، وساعة المحاولات الغربية لإيذاء الاقتصاد الإيراني، وساعة للانسحاب الغربي من أفغانستان بعد الانسحاب من العراق. رصد تزامن هذه الساعات هو مصدر قراءة توقيت حسم الصراع من عدمه.
حسم الصراع سيعتمد على القوة العسكرية في الأساس، ولكن ككل صراع هناك مقتضيات أخرى؟ أهمها الحذر العالمي من التأثير في أسعار النفط والتي بدأت تعكس سعر المخاطرة، فإيران ستراهن على حرب استنزاف طويلة قياساً على ما حدث مع العراق، وستحاول استخدام سورية وحزب الله وبعض التنظيمات في العراق وغيرها، وستحاول قوة الدين الناعمة وغير الناعمة، بينما ستحاول إسرائيل استخدام الحسم المادي الذي يستطيع تغيير الحالة المعنوية، والتلميح الغربي بتغيير النظام بالرهان على حالة الاستياء والأداء الاقتصادي الضعيف في إيران منذ الثورة، خاصة ما عقب انتخابات 2009 والاضطرابات التي صحبتها.
إذا لم تحدث الحرب في ظل تزامن هذه الساعات فلن تحدث، وبالتالي سندخل في حالة جديدة تستدعي قراءة جديدة لخريطة القوى وحالة من لا توازن قد تكون أخطر من الحقبة الحالية. أحد إرهاصاتها ستكون رغبة الدول الإقليمية الأخرى في الحصول على التقنية، إن لم يكن التسلح الذري، وتزايد الطموح الإيراني، خاصة إذا لم يسقط النظام السوري.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي