رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الاستثمار المجتمعي.. مفتاح التنمية المستدامة

الحديث عن تطوير الاقتصاد المحلي لا يُغفل المساهمة الاقتصادية للقطاع الخاص في تنمية واستقرار الوضع الاقتصادي والذي ترتبط به أمور الحياة كافة. الدولة يناط بها غالبا تحقيق الأمور الأساسية من أمن، وتعليم وصحة وبنيات تحتية، لأن هذه الأمور تستهلك موارد ضخمة وتحتاج إلى إنفاق مستمر ومتواز ضمانا للعدالة المجتمعية. وفي المقابل على المجتمع الاقتصادي مسؤولية مكافئة لتحقيق النمو والاستقرار من خلال توفير الاحتياجات الضرورية واستيعاب جميع القوى المنتجة حسب الإمكانات المتوافرة. لهذا كان الاستثمار المؤسسي في إنشاء الكيانات الاقتصادية العملاقة التي تستثمر في المتاح من موارد طبيعية وبشرية هو الحل، لتحقيق تنمية وعدالة مجتمعية ذات طابع مستمر، لفائدة المجتمع المحيط أولا ثم لتغذية الدائرة الاقتصادية ثانيا. ولتحقيق ذلك جاءت الأسواق المالية لتكون وعاء استثماريا مجتمعيا (محليا أو دوليا) لخدمة المجتمعات التي تعمل فيها. لهذا فإن الوظيفة الأساس للأسواق المالية هي تنمية الاقتصاد المجتمعي، وتوطين الأوعية الاستثمارية لتحقق النمو الاقتصادي والتطور والاستقرار المجتمعي. وواحدة من استخدامات هذه الأسواق "غير الصحية" أنها تجمُّع يمكن من خلاله تدوير الملكيات القائمة بين أيدي المستثمرين المختلفين فيما يعرف "بالمضاربة". وعندها تتجه السوق إلى أن تكون سوق مضاربة بدل أن تكون سوق استثمار خلاق، وهنا تكون الأسواق المالية قد أصيبت بالشلل وتبدأ دورة التضخم الاقتصادي غير المحمود. ومن مساوئ هذه المرحلة أن يبتعد التركيز عن البحث والتطوير، إلى تدوير وتضخيم الأموال. وبدل أن تكون كياناتنا الاقتصادية ذات نفع مجتمعي، تحتقن وتصبح فقاعات هلامية يمكن أن تنفجر في أي لحظة.
حاجات المجتمع ليست في وجود اقتصاديات بالونية، إنما في وجود كيانات مستقرة وداعمة للبحث والتطوير والإنتاج والتوظيف، بما يعود بالتنمية المستديمة والاستقرار على شرائح المجتمع كافة. ومن أعداء وجود هذه الكيانات النافعة، غياب الشفافية ووجود الفساد الطبقي. الفساد الطبقي يخلق فئتين في المجتمع: فئة غنية وتزداد ثراء، والأخرى معدمة وتزداد فقرا، وهذا يؤدي إلى وجود خلل في تركيبة المجتمع، تعود بتأثير سلبي على الأمن والاستقرار المجتمعي.
كان الحديث في عدد من المقالات السابقة عن أهمية وجود الاستثمار المجتمعي في تطوير الرياضة، السياحة، الإسكان، والتشغيل. هذا الاستثمار يجب أن يكون مدعوما من قبل الدولة أولا، حتى يقف على قدمين ثابتتين، وهنا يمكن الاستفادة من تجربتي الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وتجربة شركة سابك. مع بعض التغييرات المهمة المتمثلة في أن رأس المال المنتج يأتي من داخل المجتمع حتى يتيح الفرصة العادلة للاستثمار، وليست محتكرة لفئة عن فئة أخرى. هذه الكيانات الاقتصادية ستدار بفكر مالي منتج، يبحث عن مواضع الخلل ويطورها، ويستثمر كل المعطيات المحيطة به، في سبيل تحقيق الأمن والرخاء المجتمعي والاستدامة فيه. هذه الكيانات يجب ألا تتاح فيها الفرصة لمن يركضون خلف تنمية ذاتية في مقابل تراجع شامل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي