ليالٍ حمراء في الوسط الرياضي
يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم: '' إذا قال الرجل: هلك الناس، فهو أهلكهم'' بمعنى أشدهم هلاكا، في توجيه كريم منه - صلى الله عليه وسلم - بعدم تضخيم الأمور وتحذير من تتبع الإثارة ونشر الشائعات, أسوق هذا الحديث في ظل ما يثار من أحاديث في وسائل الإعلام المختلفة تتحدث عن الانحراف الأخلاقي لدى اللاعبين، وآخرها الكلام الثقيل جدا الذي ذكره عبد الله سليمان والذي نشر ''غسيل الرذيلة'' علناً متهما الوسط الرياضي بأن مافيا الملاهي الليلية تنخر فيه وحين نفصل الروايات التي ذكرها فقد جاءت على ثلاثة محاور، هي:
أولا: استهداف لاعبين زملاءهم من أجل الخانة والوسيلة ''الفتيات''.
ثانيا: استهداف نجوم الفريق المنافس قبل المباريات المهمة وأثناء الموسم الرياضي من أجل إضعاف قوته وتركيزه والوسيلة ''الفتيات''.
ثالثاً: جماهير معجبة بأحد النجوم تقوم بتقديم الدعوة له لحضور سهرة مع ''فتيات''.
أولا: أعتقد أن الأمر فيه مبالغة كبيرة وممجوجة أيضاً, الأمر الثاني تم تعميم حالات فردية سمعها أو شاهدها وهذا فيه جناية وتحامل كبيران لنصل في النهاية إلى أن انحراف الوسط الرياضي متى وجد فهو انحراف نتيجة انحراف المجتمع من حوله فأدوات اللهو والتخطيط بقية أضلاعها من خارج الوسط الرياضي.
- أين دور اللاعب من إنكار المنكر في وقته وحينه بدلاً من البحث عن الأضواء التي انحسرت عنه؟ ألم يكن يعلم ويعرف طرق إنكار المنكر في حينها؟!
- خلاف الحكمة السعي الحثيث لخلق الإثارة على حساب الحقيقة المحضة رضوخاً لحسابات التوزيع وكثرة القراء، فمتى نقدم المصلحة العامة ونقدم القدوة الحسنة بعيداً عن وضع العدسة على مواضع الخلل وتصويرها كصفة سائدة.
- من ترك بياض الثوب وركز على النقطة الصغيرة السوداء اتبع تفكيراً سوداوياً ساقه لتضخيم ''القبح داخله'' و''دفن والفأل الحسن والأمل'' ولذلك لن يرى غير السواد لوناً وغير المأساة هدفاً يستثير وجدانه فالأولى أن نحذو حذو قدوتنا وسيدنا - صلى الله عليه وسلم - الذي يحب الفأل ويستبشر به على تخطي الصعاب, ونركز وجداننا قبل أعيننا على البياض الذي يعطي النفس راحة وسكينة ويعمل كمحفز لها على العمل والنشاط من جديد.
- عبد الله سليمان ركز على النقطة السوداء بينما تناسى البياض الذي قدمه خالد بن محفوظ الاتحادي الذي بكل وطنية منحه مليون ريال نظير خدماته للوطن كلاعب كرة وتناسى البياض الذي سطرته سيرة منصور الأحمد معه وكيف اتجه ساعياً في كل صوب كي يجمع له المال ليتمكن من الخروج من أزمته.
- طريقة التفكير والتعاطي مع الضغوط والتعامل السليم مع مراحل الفشل والأزمات ثقافة يجب أن يعيها من يريد العيش بطمأنينة تحت مظلة الإيمان ''بالقضاء والقدر''، وفي سيرة الأنبياء والصحابة معين زاخر لمن أراد أن يحذو حذوهم.
- المجتمع الرياضي ليس مجتمعاً ملائكياً ولكنه بكل تأكيد ليس بتلك الصورة التي يراد لها أن تكرس في الأذهان عنه.
- ظهر الوطن قطعته السياط بعد أن تخلى الجميع عن مسؤولياتهم ودورهم ورموا بها على المسؤولين، فمتى نعود للركن الأساس الذي يمثل المواطن فيه الركيزة الأولى والقوية لبناء وتصحيح المسار؟
- أصدق الدعوات للمنتخب في لقائه المهم غداً أمام أستراليا ويجب ألا تكون نتيجة المباراة - أياً كانت - محبطاً عن استمرار التطوير أو حاجبا يغيِّب عن أعيننا مكامن الخلل في حالة الفوز.
الخاتمة
سئل الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله - عن أجمل حكمة قرأها في حياته، فقال: ''لقد قرأت لأكثر من سبعين عاماً فما وجدت حكمة أجمل من تلك التي رواها ابن الجوزي في كتابه ''صيد الخاطر'' حيث يقول: ''إن مشقة الطاعة تذهب ويبقى ثوابها, وإن لذة المعصية تذهب ويبقى عذابها''.