رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الفصل بين وزارة التجارة والغرف التجارية!

الحوار الذي أجرته صحيفة ''الاقتصادية'' في الأسبوع الماضي 20 شباط (فبراير) 2012 مع رجل الأعمال صالح التركي لامس موضوعات تاريخية ظلت بعيدة عن التناول لعشرات السنين، فقد طالب بتصحيح العلاقة بين وزارة التجارة والصناعة والغرف التجارية الصناعية حتى كاد أن يقول إن العلاقة كان يجب ألا تكون علاقة فوقية.
وأنا أذكر أنه حينما فكر تجار جدة في إنشاء أول غرفة تجارية في السعودية كان الهدف هو إنشاء هيئة مستقلة تعالج قضاياهم بعيدا عن الروتين الحكومي، أي أنهم كانوا يبحثون عن خلاص يخلصهم من الروتين الحكومي، وبلغة القرن الـ 21 كانوا يسعون إلى خصخصة ما هو في الأصل مخصخص!
ولكن حينما تأسست وزارة التجارة في عام 1954 اتجهت الوزارة بكل ثقلها نحو الغرف التجارية وقررت وضع نظام للغرف تقوم من خلاله الوزارة بالهيمنة الكاملة على نشاطات هذه الغرف ابتداء من انتخابات مجالس إداراتها، حتى حق تعيين نصف أعضاء مجلس الإدارة، كما يعطيها كامل حقوق الفصل في كل القضايا التي هي من صميم أعمال الغرف حتى الهيمنة على كل أنشطة الغرف.
ولقد جاء في حوار صالح التركي وهو رئيس سابق للغرف التجارية الصناعية: أنه بدلا من أن تنظر وزارة التجارة إلى الغرف كجهة تمثيل للقطاع الخاص في عملية تحضير وصناعة القرار الاقتصادي والاجتماعي، فإن الوزارة فضلت ـــ خاصة في السنوات الثلاث الأخيرة ـــ بسط سيطرتها على الغرف التجارية بدلا من التركيز على حل مشاكل قطاع الأعمال بما يمكنه من ممارسة دوره التكاملي المفروض، وطالب صالح التركي وزارة التجارة والصناعة بأن تركز جهودها على إزالة صعوبات استخراج السجلات التجارية وتعمل على تدبير الحد الأدنى من المناطق الصناعية والاستفادة المثلى من المناطق الصناعية القائمة والإسراع في التوصل لاتفاق بشأن توفير الغاز للصناعة ومساواة المستثمر الوطني بالمستثمر الأجنبي من حيث الخدمات والتسهيلات والامتيازات، ثم أضاف رجل الأعمال الناجح صالح التركي يقول: وعلى الوزارة تقديم مساندة أكبر لقطاع الصادرات غير النفطية ودعمه في مواجهة اتهامات الإغراق وإعلان وتطبيق ملامح تنفيذية واضحة لاستراتيجية الصناعة السعودية، كذلك أكد صالح التركى في معرض حديثه لـ ''الاقتصادية'' على ضرورة استقلال الغرف التجارية عن وزارة التجارة، كما أكد أن يكون جل أعضاء مجالس إدارات الغرف بالانتخاب، كذلك طالب الغرف بتطبيق لائحة الحوكمة وطالب إدارة الغرف بالإفصاح والشفافية.
وإذا كان صالح التركي بكل خبراته التجارية والصناعية يطالب الآن باستقلال الغرف عن وزارة التجارة، فإنه يعود مرة أخرى إلى الأصل، حينما فكر تجار جدة في إنشاء هيئة مستقلة تحميهم من ربقة الروتين الحكومي.
إن وزارة التجارة والصناعة ليست خالية عمل حتى تتعقب الغرف التجارية الصناعية وتخطف منهم أعمالا هي في الأساس حق من حقوق هذه الغرف التي تأسست من أجل ممارستها، بل لدى الوزارة من الأعمال الجسام ما يغنيها عن أي مهام أخرى، ولعل من أهم مهام وزارة التجارة في الوقت الراهن وضع استراتيجية للصناعة السعودية، وكذلك حماية المستهلك الذي ما زال يبحث عمن يحميه، ومراقبة الأسواق التي بات الناس يئنون من الزيادة العشوائية في الأسعار، بل على وزارة التجارة والصناعة مسؤولية تسهيل إنشاء الشركات ودعمها حتى تقوم هذه الشركات بدورها كاملا إزاء توظيف الشباب ورفع معدلات الناتج المحلى الإجمالي.
إن أهم مشكلة تتعرض لها السوق السعودية حاليا هي مشكلة انتشار سوق الأسمنت السوداء.
إن وزارة التجارة لم تشعرنا للأسف أنها تعطي هذا الموضوع الاهتمام الجدير به، رغم أن العجز في الأسمنت المعروض في السوق يتهدد مشاريع التنمية الكبرى، ناهيك أن الحديد بدأ يلوح بالدخول في المشكلة نفسها!
أقول إن وزارة التجارة في أمس الحاجة إلى القيام بجهد مضاعف كي تحل مشكلة غياب الأسمنت عن السوق، بل واجبها أن تباشر عمليات ضبط أسعار كل مواد البناء وفي مقدمتها الأسمنت والحديد.
إن المناخ العام في سوق مواد البناء ينذر بأننا نقترب من سلسلة أزمات سوف يشهدها تباعا سوق مواد البناء، فإذا لم تستطع الوزارة أن تحل مشكلة ارتفاع أسعار الأسمنت فإن الانتهازيين في السوق يستعدون إلى بدء جولة جديدة، وفي هذه المرة فإن أسعار الحديد وأسعار مواد البناء الأخرى سترتفع. ودعونا نقل صراحة نخشى أن تصبح السوق في قبضة الانتهازيين، وسيكون المتضرر الأول هي برامج التنمية المستدامة.
إن العلاقة بين وزارة التجارة والصناعة والغرف التجارية الصناعية هي ـــ في الأصل ـــ علاقة تكاملية وليست تسلطية أو تنافسية، وبيد الوزارة لا بيد الغرف إمكانية تأصيل وتطبيع هذه العلاقة، لأن القانون الإداري يقول: حيث السلطة تكون المسؤولية وحيث لا سلطة لا مسؤولية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي