بعد اختراق الـ 7000 .. مبررات للتفاؤل والتشاؤم
أحدث نجاح مؤشر السوق المالية السعودية TASI في تجاوز مستوى 7000 نقطة استثمارية بين المحللين والمتداولين، وأثار ذلك تساؤلات متعددة ومتنوعة حول التفاؤل باستمرار مؤشر TASI في مساره الصاعد لكي يعطيه المتداولون ما يستحق من الثقة؟! وإما التشاؤم والتخوف من عكس المؤشر مساره إلى الاتجاه الهابط، ليكون الانتظار والتريث لحين جاهزية الفرص الاستثمارية واغتنامها؟!
حيرة وتردد وتجاذب بين التفاؤل والمخاوف، ولكل ما يبرره من حيث التحليل الاقتصادي، والفصل في ذلك القراءة الفنية التحليلية الواقعية البعيدة عن العواطف والتكهنات.
فنياً السوق المالية السعودية نجحت في عكس مسارها الهابط بعد نكسة فبراير 2006م التي هوى المؤشر فيها من قمة 20.966 نقطة، ثم اتجهت نحو المسار الصاعد من قاع 4068 نقطة منذ مارس 2009م. ولا يزال مؤشر TASI في مساره الصاعد منذ ذلك الحين، وهذا مبرر مبدئي للقائلين بالتفاؤل وإيجابية السوق، إذا لا يزال مؤشر السوق TASI محافظاً على نقاط دعم خط مساره الصاعد، باستثناء الاختراق الذي أحدثته أزمة ما يسمى بالربيع العربي في فبراير 2011م وبلغ فيها المؤشر أدنى مستوى له عند 5231 نقطة.
#2#
ومما يزيد التفاؤل بالسوق المالية السعودية نجاح مؤشر TASI في تجاوز مقاومة 6455 في نهاية تداولات يناير الماضي، ومن ثم تجاوز مقاومة 6788 نقطة في الأسبوع الثاني من فبراير الجاري، وأخيراً تجاوز مقاومة 6940 نقطة في تداولات الأسبوع الماضي، وبعدها أغلق المؤشر فوق مستوى حاجز 7000 نقطة.
ومن الملاحظ أن اختراق المؤشر لمقاومتي 6455 نقطة و6788 نقطة لم يكن مدعوماً بقائدي السوق ''سابك'' و''الراجحي'' اللذين تحركا في منتصف تداولات الأسبوع الماضي ليسجلا مستويات سعرية داعمة لتحرك مؤشر السوق الصاعد، حيث نجح سهم ''الراجحي'' في تجاوز مقاومة 75 ريالا متجها نحو مقاومة 76.5 ريال، وكذلك سهم ''سابك'' الذي نجح في تجاوز مقاومة 97.75 ريال متجها، متجهاً نحو مقاومة 102.30 ريال. يذكر أن ''سابك'' و''الراجحي'' يمثلان ما يقارب من 25 في المائة من وزن مؤشر السوق.
لذا ينظر المتفائلون إلى هذين السهمين بمتابعة وحرص، على أمل أن يدعما مؤشر السوق TASI في استمرار مساره الصاعد نحو مقاومة 7670 نقطة.
التحليل المالي يدعم المتفائلين بالسوق المالية السعودية بعد تحسن المراكز والمؤشرات المالية لأغلب الشركات المتداولة في السوق المالية السعودية، إذ قدمت الشركات المتداولة أكثر من 95 مليار ريال أرباحاً في عام 2011م مقارنة بـ 77 مليار ريال في عام 2010م، وبزيادة قدرت بأكثر من 20 في المائة. ويذكر المتداولون أن أرباح 2009م كانت في مستوى 57 مليار ريال.
ويرى المتفائلون أن تحسن أرباح الشركات المتداولة كان من المفترض أن يصعد بالسوق المالية السعودية منذ عام 2010م، إلا أن أزمة دبي العالمية في نهاية 2009م، ثم أزمة اليونان في مايو 2010م، والربيع العربي من فبراير 2011م، وأخيراً وليس آخراً أزمة الدين الأمريكي والديون الأوروبية في يوليو 2011م، هذه الأزمات قد منعت مؤشر السوق TASI من الصعود متأثرا هبوط الأسواق المالية العالمية، إلا أن نمو الشركات وتحسن الأرباح دعم المؤشر في المحافظة على مستوى 6000 نقطة في تداولات 2010م و2011م.
ومما يدعم المتفائلين بالسوق المالية السعودية تحسن أسعار النفط التي ارتفعت بما يقارب الـ 10 في المائة في الأسبوعين الماضيين لتصل إلى مستويات 108 دولارات، حيث يرى المتفائلون أن تحسن أسعار النفط سيدعم قطاع البتروكيميات ـ وهو القطاع القائد للسوق المالية السعودية بعد قطاع المصارف ـ والذي بلغت أرباحه أكثر من 40.8 مليار ريال في 2011م، وبزيادة تجاوزت 38 في المائة مقارنة بأرباح قطاع البتروكيميات في عام 2010م، وذلك بفضل بدء الإنتاج في الشركات البتروكيميات الجديدة وتحسين أسعار النفط والمنتجات البتروكيماوية في عام 2011م مقارنة بالأعوام السابقة.
كما يراقب المتفائلون الأسواق المالية العالمية، وبالأخص مؤشر داو جونز الأمريكي ـ القائد العالمي للأسواق المالية ـ والذي يقترب من مستويات عام 2008م عند حاجز الـ 13000 نقطة، وعلى النهج نفسه تسير الأسواق المالية الأوروبية والآسيوية.
في الجانب الآخر يرى البعض أن هناك مخاوف وتحذيرات يجب الانتباه لها، ويعتبرونها مبررا كافيا لحجب الثقة عن السوق المالية السعودية، من هذه المخاوف أن الأزمة المالية العالمية لم تنته بعد، وقد تحتاج إلى ما لا يقل عن عشر سنوات للخروج منها، وينطلق أصحاب المخاوف من تصريحات الساسة الأوروبيين والتوقعات الاقتصادية بتباطؤ نمو الاقتصادات العالمية، ولعل آخرها توقعات المفوضية الأوروبية بانكماش منطقة اليورو 0.3 في المائة، وبـ 0.5 في المائة بحسب توقعات صندوق النقد الدولي خلال العام الحالي 2012م.
كما من المتوقع تجدد المخاوف بشأن أزمة الدين الأمريكي التي تهدد الاقتصاد الأمريكي في ظل ارتفاع أسعار البترول.
وعلى المستوى السياسي تتجدد المخاوف بشأن العلاقات الدولية العالمية مع إيران، وسط شد وجذب بين الدول الغربية وإيران.
وفي الحياد يقف التحليل الفني الذي يرى أن مبررات المتفائلين هي محفزات تدعم المسار الصاعد لمؤشر السوق المالية السعودية TASI، هذه المبررات جددت الثقة بالسوق المالية السعودية التي بلغت تداولاتها اليومية أكثر من عشرة مليارات ريال، وهي أعلى قيمة لها منذ منتصف تداولات مايو من عام 2009م، وقد تصعد هذه الثقة بمؤشر السوق TASI إلى مستوى مقاومة 7670 نقطة بدعم من قطاع المصارف والبتروكيميات.
وفي الوقت نفسه يعطي التحليل الفني تحذيرًا باقتراب مؤشر TASI من مرحلة جني الأرباح، كما تشير بذلك القراءة الفنية لمؤشر القوة النسبية RSI، ومؤشر تدفق السيولة MFI.
لذا من المناسب للمتفائلين متابعة نقاط الدعم والمقاومة واختيار نقطة جيدة لوقف الخسارة إذا ما جنت السوق أرباحها في التداولات القادمة.
ويظل استمرار مؤشر TASI في مساره الصاعد هو أقرب التوقعات الفنية – حاليا ـ شريطة محافظة المؤشر على نقطة دعم خط اتجاه الصاعد عند 6320 نقطة، وأمامها نقطة دعم المتوسط المتحرك الآسي للـ 200 يوم عند 6400 نقطة.
إذا يحق للمتفائلين انتظار المؤشر عند المقاومة القادمة، إلا أنه يجب ألا يغفلوا الاستعداد لوقف الخسارة إذا ما جنت السوق أرباحها حسب معطيات القراءة الفنية لبعض المؤشرات الفنية، ومن المهم في هذه المرحلة متابعة مسار الأسواق العالمية، وما تفصح عنه أخبار الشركات المتداولة التي ستعلن عن أرباحها في نهاية آذار (مارس) المقبل.