محمد الجاسر.. رصيده 10 آلاف صورة وما زال يحاول التقاط فرصة واحدة
من الجميل أن تكون مبدعاً في مكان مأهول بالمتذوقين والمهتمين، لكنك ستكون في مشكلة حقيقية عندما تكون مأهولا بالإبداع وليس حولك من يشعر به، أو لنقل إنك موجود في مكان يمنحك الإلهام ولكنه في المقابل لا يملك أن يوفر لك الاهتمام، هذا غالباً أول ما تفكر فيه عندما تتحدث مع الشاب محمد الجاسر ذي الـ 17 عاماً عن موهبته في التصوير الضوئي، وحينها سيشرح لك مطولاً عن حبه لهذا الفن ورغبته في أن يكون وسيلة لإيصال إبداع السعوديين إلى الآخرين، على اعتبار أن الصورة لغة بصرية تستطيع كل الثقافات قراءتها دون ترجمة، الجاسر يثق بأن هناك مواهب قادرة على ''إبهار العالم'' - كما يقول - لكن هذا الموهوب ما زال يبحث عن إبهار محلي ما زال غير موات حتى الآن، فمحافظة النماص التي يعيش فيها لا تضم فرعا لجمعية الثقافة والفنون يمكنها أن تحتوي موهبته، وحين تسأله عن وجود معارض يلتقي فيها بأصحاب الاهتمام والتخصص سيجيبك بابتسامة ''نعم هناك معرض واحد يقام سنوياً ولا يحضره أحد تقريباً!''.
بدأت هذه الهواية لدى محمد منذ سنوات عندما كان يستخدم كاميرا يصفها بالبدائية قبل أن يشتري كاميرا احترافية قبل عامين ويستخدمها في التصوير على عدة أنواع، منها الواقعي والمناظر الطبيعية والمتحركة والوجوه وإن كان يجد نفسه أكثر في فن ''الاستوديو''.. وبقدر ما يتيح له انشغاله بالدراسة الثانوية، يحاول هذا الشاب إيجاد قنوات إلكترونية لعرض أعماله والتواصل مع المختصين، ويؤكد أن الموهبة هي مربط الفرس في كل أنواع الفنون، وأن الدورات تقدم القواعد الرئيسة ولكن لا يمكنها أن تخدم شخصا لا يملك الحس الفني.
قريباً من منزله الواقع على أحد المرتفعات، يلتقط الجاسر صورة دقيقة لقطرات ماء مع خلفية للسماء، ويعترف لاحقاً بأن المنطقة الجنوبية منحته بيئة جميلة لالتقاط صور طبيعية خلابة، لكنه يرى أن البيئة الثقافية حوله ما زالت تفتقر إلى عوامل التحفيز، معتبرا أن وزارة الثقافة والإعلام مقصرة في حق كثير من المبدعين في مناطق المملكة، الذين لا يجدون أي منبر رسمي لتقديم أنفسهم في ظل ضعف الجمعيات المتخصصة وتركيزها على نطاقات محددة لعملها، وإذا كانت ''الاقتصادية'' قد وصلت إلى محمد فإن أهمية ذلك لا تنبع من كونه الظهور الإعلامي الأول لهذا الشاب، بل أن يكون لهذا الظهور دور في دعم مشروعه وموهبته، إنه مبدع يستحق أن يجد من يدعمه. يكفي أنه عجز عن التقاط فرصة واحدة رغم أنه التقط أكثر من عشرة آلاف صورة متنوعة.. إنه الرصيد الفني الأهم لمحمد بينما يعيش في مكان لا وجود فيه لمؤسسة ثقافية تهتم بأمر كهذا.