ادعموا أو خصّصوا
يتجه الكثيرون بالنقد واللوم إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب ويتهمونها بالتقصير عن إيجاد ميزانيات مناسبة للأندية، والحقيقة أننا حين نلوم الرئاسة فإننا نقصره على تكاسلها في المطالبة والإلحاح لزيادة مداخيلها، وإلا فإن الملوم بحق في ذلك هو وزارة المالية التي ما زالت لا تعطي جانب الرياضة والشباب اهتماما وحظوة.
فيكفي معرفتنا أنها أبقت ميزانية اللجنة الأولمبية لمدة عقدين من الزمن لا تتجاوز ستة ملايين رغم أن الاتحادات التي ترعاها اللجنة زادت على تسعة ووصلت إلى ثمانية وعشرين اتحاداً، والرفض مستمر لأي زيادة ولم يتبدل الحال إلا حين طال صوت الشكوى فوصلت لمسامع المقام السامي فتم تعديل الميزانية فأصبحت مليوني ريال لكل اتحاد، مع أن الأمل كان بإقرار مائة مليون ريال للجنة الأولمبية فقط.
ولم يقف التقشف من قبل وزارة المالية بحق رعاية الشباب عند هذا الحد فالمشاريع الإنشائية التي هي حديث الساعة الآن والتي تمثل البنية التحتية للقطاع الرياضي كان مقرراً لها، أن تصل في وقتنا الحالي إلى مائة وعشرين منشأة، ولكنها توقفت عند اثنتين وسبعين فقط، فالمالية طوال العشرين عاما الماضية لم تدعم أي بناء جديد.
ونتساءل لماذا يحدث كل هذا؟ فما نخشاه أن الوزارة ما زالت ترى الرياضة هواية وتسلية فقط ولم تدرك التطور والتغير الحاصل في المجال الرياضي الذي أضحى سوقا استثمارية وتجارية تضخ فيها الملايين، وتفتح فرصاً للعمل ستساهم وتخفف من البطالة الموجودة متى تم التعامل معها بشكل إيجابي، فالواضح أن بعض مسيري القرار لم يدركوا التغير الحاصل في هذا المجال ولذلك هو بعيد عن أجندتهم ولا يخضع لكثير من الاهتمام والتطوير.
والأمر الذي يحتاج إلى مزيد من الدراسة أن الشباب الذي يرى الميزانية الضخمة التي تضخ لتطوير الرياضة في البلاد القريبة، بعد أن تتملكه مشاعر الدهشة والإعجاب فترة، سينعكس الأمر إلى إحباط ومرارة، فهذه البلاد بعد نجاحها في استقطاب بعض الرياضيين اتجهت لاستقطاب الكفاءات في المجالات الأخرى، وهذا فيه خطر تفريغ البلاد من كوادرها وقدراتها البشرية.
فيجب على الرئاسة العامة السعي لعقد شراكة مع القطاع الخاص تحت ضغط من الحكومة طالما لم تحصل على ما تريد، فالمؤسسات والبنوك والشركات القائمة مستفيدة من السوق المحلي والذي يمثل الشباب غالبيته، فلماذا لا تقدم مساهمات مقطوعة من خلال بناء المنشآت وتقديم مبالغ لرعاية الرياضيين أو المسابقات المحلية، فهذه الشركات تدفع ضرائب في البلاد الأخرى فما الذي يضيرها إذا قدمت ما يوازي ذلك محليا؟ فيكفي معرفة أن اللجنة الأولمبية الأمريكية رغم ضخامة ميزانيتها التي تفوق ما نطالب به مرات ومرات تأتي من الشركات الراعية والمساهمة.
المجال الرياضي متنفس ومكان من الممكن استخدامه في توجيه الشباب ورعايتهم وتقديم ما ينفع فالشباب في المجال الرياضي كثر، ومتى تم استقطابهم لهذا المجال فإننا نحميهم من خطر كبير نرى آثاره في البلاد من حولنا. أكتب ذلك وأتمنى أن يجد صداه عند من بيدهم القرار.