«الأجساد» .. عمل يتحرّك داخل صندوق الأسئلة ويصدم بالإجابات

«الأجساد» .. عمل يتحرّك داخل صندوق الأسئلة ويصدم بالإجابات

كانت مسرحية الأجساد فرصة لأن يجلس المثقفون الذين طالما غابوا عن حراك المسرح السعودي ليتعرفوا على جانب من تجلياته الجديدة، وإن كان ذلك عبر عمل يقدم للمرة الأولى ضمن سياق زمني ومناسباتي خاص، وهذه الناحية تحديدا بدا أنها شكلت تأثيرها في النص والعمل الذي تم تقديمه في ختام ملتقى المثقفين.

في ''الأجساد'' تحرك الممثلون الذين اكتسوا ألواناً يمكن وصفها بالمحايدة ضمن حدود مؤطرة لكل منهم وباستخدام متوازن للغة الجسد من خلال كونها تمثل تعبيراً عديم القيمة في نص ينظر إليها كمحور للفكرة، وضمن تغييب ضمني للمقابل الموضوعي لها.. الأرواح.. وهو ما يمكن الوقوف عليه في جملة من قبيل ''إنها مجموعة من الأجساد في صحراء قاحلة''.

تعلق المسرحية خلال وقت عرضها أكثر من جرس تأويلي لكنها لا تلبث أن تقطعه، بينما تتحرك ضمن خلفيات موسيقية متنوعة بين ما هو غربي صاخب أو شرقي عاطفي، بين أصوات حادة تتقاطع مع نبرة عالية لأصوات الممثلين، وبين صوت أم كلثوم.. وفي الوقت نفسه تحضر الجملة الشعرية المختزلة، وتكريس فكرة الانفصال التام عن ظرفي زمان ومكان لا يمكن العثور عليهما أو تحديدهما بوضوح، وتناقش المسرحية الفكرة النمطية للمخرج الذي يشد شعره وينفعل باستمرار، حين تعيد إنتاج هذه الصورة في شكل شخصية رزينة تمارس عملا متقنا وتدخل في تكوين العمل ولا تكتفي فقط بتصميم إطاره ومتابعة تنفيذه، في السياق نفسه كان المخرج يتحدث بالإنجليزية ويعمل على إملاء تعليماته والتعبير غير مرة عن عدم الرضا تجاه مستوى الأداء.. لكنه يعود ليتحدث بلغة فصيحة مشوبة بالعبارة الشعرية العميقة.

''الأجساد'' وهو العمل الذي كانت تسميته توحي مبدئيا بعمل أكبر مما تم تقديمه على مستوى الأداء الصامت والتشكيل البصري، انتهى دون أن يترك تصورا واضحا لما يود قوله بالضبط وقد يكون هذا جزءا من فلسفته على أية حال، لكنه في الوقت ذاته كان صادما بعبارات شديدة المباشرة، لكن البعض علقوا بأن هذا، وإن كان يحمل في طياته مأخذا فنياً، إلا أنه يستجيب لمتطلبات السياق الذي يقدم فيه العرض، وربما لما يمكن أن يصبح سمة للعروض المسرحية المحتاجة إلى مزيد من التواصل الذهني مع جمهور مختلف المستويات الثقافية.

الأكثر قراءة