رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


3 سيناريوهات «مخيفة» تنتظر الاقتصاد الأوروبي

نُتهم نحن الأكاديميين بأننا نستخدم لغة لا يفهمها عامة الناس. هذا صحيح. ولكن هذا لا ينطبق علينا فقط. السياسيون يتحدثون عن شؤون الدنيا، ولا سيما المال والاقتصاد والسياسة بلغة جلها طلاسم فكها شبه مستحيل.
ويخطئ من يتصور أن الإعلام يسهل لنا فك هذه الطلاسم. في الحقيقة يزيد الإعلام من صعوبتها إلى درجة أن الإنسان العادي يقف حائرا أمام بوصلة الأحداث سياسية كانت أم اقتصادية.
ولا يغرنكم الإعلام الغربي، فرغم هامش الحرية الذي يتمتع به، دوره غير مؤثر في نقل الحقيقة للمتلقي، وآخر دراسة في هذا الشأن أجرتها جامعة كلاسكو البريطانية أظهرت أن الغالبية العظمى من الشباب في بريطانيا يعتقدون أن الفلسطينيين يحتلون أراضي إسرائيلية وأن المستعمرات يقطنها الفلسطينيون داخل أراض إسرائيلية.
وكان لهذه الدراسة وقع الصاعقة على هيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي" التي، كمنشأة عامة يملكها الشعب، عليها واجب أخلاقي أن تنور المتلقي، ولكن هذا ما كان.
واليوم تمتلئ صفحات الصحف والمجلات في أوروبا وبرامج الإذاعات والتلفزيونات بالأخبار والتقارير والتحليلات عن مستقبل الاقتصاد الأوروبي، ولا سيما العملة الموحدة، اليورو. وأكاد أجزم أن أغلب الناس لا تدري ماذا يجري وما المتوقع لأن كل هذه الدراسات مملوءة بالأرقام وتتخللها النظريات وأقوال المختصين والصور والجداول، التي يصعب تفسيرها حتى على بعض أصحاب الاختصاص.
ومن خلال قراءتي أستشف أن أمام أوروبا وعملتها الموحدة التي تعصف بها الأزمات ثلاثة سيناريوهات.
السيناريو الأول، يبقي الأمور على ما هي أي سيتجاوز اليورو الأزمة الحالية، بيد أننا سنكون أمام عملة قد فقدت الكثير من بريقها ورمزيتها لأن استمرار العملة لا يعني التخلص من المشاكل الاقتصادية العويصة التي تعانيها دول مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وغيرها. بقاء اليورو، كما يقول بول كروكمان، الحاصل على جائزة نوبل في علم الاقتصاد، سيكون مؤشرا لاقتصاد ضعيف يعاني الكساد. الحل في نظر كروكمان في تبني نظام اقتصادي شبيه بما لدى السويد، ولكن هذا الأمر صعب للغاية لأنه يتطلب تضحيات هائلة من دول ذات اقتصاديات ضعيفة.
السيناريو الثاني، تُجبر فيه اليونان التي هي على أبواب الإفلاس على مغادرة اليورو والعودة إلى عملتها الأصلية، الدراخما. هذا السيناريو مخيف لأنه يعني أولا تجميد السيولة في كل المصارف اليونانية لمنع الناس من سحب ودائعها لحين إجراء الترتيبات اللازمة لتبديل العملة. لكن العملة الجديدة سيكون من الصعب تحديد سعر معين لها لأنها ستنهار. إن كانت الناس لا تثق بالاقتصاد أساسا فكيف ستثق بعملة وطنية تحل محل عملة عالمية؟ وإن أُخرجت اليونان سيخسر الاتحاد الأوروبي الكثير من سطوته المالية والسياسية حتى على أعضائه، وقد يؤدي ذلك إلى اتكال أعضاء الاتحاد على عملات دول ناهضة مثل البرازيل التي فاقت بريطانيا في تطورها ونموها الاقتصادي.
والسيناريو الأخير هو اختفاء اليورو من التعامل وهذا ما يخشاه الجميع وهو بمثابة الرعب أو السيف المسلط على رقاب أوروبا إن وقع فمردوداته لا طاقة لدول الاتحاد في تحملها. سيكون من الصعب أو ربما شبه المستحيل العودة بطريقة منظمة وسلسة إلى العملات المحلية السابقة مما سيؤدي إلى فوضى عارمة ماليا ومصرفيا وتجاريا، حيث ستعمل كل دولة على خفض سعر عملتها بغية زيادة صادراتها.
ولهذا لم يعد من الحكمة ربط مصير أي اقتصاد أو دولة بعملة واحدة إن كان الدولار أو اليورو أو الفرنك السويسري أو غيره. من الأفضل وضع سلة عملات في الحسبان لأن بعض الدول بدأت تقبل الدفع باليوان الصيني والروبية الهندية والريال البرازيلي وغيرها من العملات الواعدة والصاعدة.
وإلى اللقاء،،،

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي