رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


فرض الرسوم على الأراضي هل يؤمن المسكن؟

تعالت الأصوات المنادية بضرورة فرض رسوم على الأراضي غير المستغلة داخل المدن، بغرض الضغط على أصحابها للتخلص من امتلاكها فترات طويلة دون الاستفادة العامة من وجود مثل هذه المساحات الهائلة، لكن السؤال الذي غفل عنه أغلبية المنادين هو: هل فرض الرسوم سيؤمن المسكن المناسب للمواطن متوسط الدخل؟
الحقيقة أن هذا الإجراء إن طُبق لن يؤدي إلى تخفيض أسعار الأراضي كما زعموا، ولن يُثقل على هؤلاء التجار ليتخلصوا من المساحات الشاسعة التي يحتكرونها. فالحقيقة الاقتصادية تقول: إن أي رسوم ستفرض على هذه الأراضي ستُحمل على قيمة الأراضي مستقبلاً، وهو الذي سيؤدي حينئذ إلى استحالة حصول المواطن البسيط على شبر أرض داخل المدن.
لا شك في أن المنادين بفرض الرسوم انطلقوا من واقع حرص اجتماعي على مصلحة المجتمع، وبهدف وضع بعض القيود والضغوط على ملاك الأراضي للتخلص منها، ولكن من يملكون الأراضي هم التجار، الذين سيزدادون ثراء بسبب ارتفاع الأسعار مستقبلاً، وستتسع الهوة بين أثرياء المجتمع ومحدودي الدخل. لكن مسألة الإسكان حلها في يد وزارة الإسكان أولاً وأخيرًا، وبالعقل التجاري لمُسَيِّري هذه الوزارة.
يجب أن تسعى الوزارة إلى إعداد تصور شامل لاحتياجات المواطنين، ومواءمة ذلك بالقدرات المالية والحاجات الاجتماعية لهم، ثم تهيئة المطورين المؤهلين من خلال المشاركة معهم في التخطيط والتسويق وتوفير المساحات الكافية لذلك. هذه المهمة ليست بالسهلة، ولكنها في حاجة إلى هذه الجهة الحكومية لتسهم في صياغتها وتنفيذها.
يأتي مع ذلك دور القطاع الخاص والمخططين، أو حتى شركات التطوير العقاري التي يفترض أن تسهم في تأسيسها وزارة الإسكان، لتقوم بتنفيذ هذه المشاريع من خلال برامج الإنتاج التي تسعى إلى خفض التكاليف Mass Production، ووفقًا لضوابط تضمن توفير المساكن باختلاف تصاميمها، ومساحاتها وأسعارها التي تراعي اختلاف مستويات الدخل، وحجم الأسر المستفيدة. إضافة إلى مساهمة المؤسسات المالية في توفير بدائل الدعم المادي لهذه المساكن، التي ستعتمد في المقام الأول على قانون الرهن العقاري.
كثير من الدول المتقدمة تتبع مثل هذه الأساليب من خلال فرض المخططات المدنية، وإتاحتها للقطاع الخاص الذي يقوم بدور المنفذ والمسوق لها، وهذه الطريقة لا شك ستسهم في توفير مختلف احتياجات المواطن. وستمنح الوزارة الفرصة للمساهمة في تخطيط المناطق السكنية وتوفيرها، وشراء الأراضي بمساحاتها الهائلة لتنفيذ مثل هذه المشاريع عليها.
يجب أن نحرص جميعًا على توفير البدائل الاستراتيجية التي تخدم الوطن والمواطن في المقام الأول، وعلى الجميع من مسؤولين ورجال أعمال واجب مجتمعي يجب أن يُقدم لخدمة هذا الوطن، دون الإضرار بمصالح أي طرف من الأطراف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي