رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


اتجاهات النمو في الاقتصاد السعودي: قطاعات النشاط الاقتصادي

مر الاقتصاد السعودي بحالة تحول واضح في التركيبة القطاعية خلال الأربعة عقود الماضية. ففي عام 1970 كانت ملامح الاقتصاد التقليدي واضحة على التركيب القطاعي لهذا الاقتصاد، حيث يحتل القطاع الأولي النسبة الكبرى في مجمل الناتج المحلي الإجمالي، مع الدور الواضح الذي يلعبه القطاع النفطي. لقد كان قطاع التعدين والتحجير يمثل نسبة 50 في المائة من إجمالي الناتج، الجانب الأعظم منها لإنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي. إذا ما أضفنا صناعة تكرير الزيت فإن نصيب القطاع النفطي إلى إجمالي الناتج المحلي الإجمالي يرتفع إلى 54 في المائة، وهي نسبة مرتفعة للغاية، تعكس هيمنة هذا القطاع على مسار الناتج في الاقتصاد السعودي بصورة واضحة في ذلك الوقت.
في هذا العام كانت الصناعة التحويلية في المملكة مرتكزة أساسا على صناعة تكرير الزيت، بينما لم يزد نصيب الصناعات التحويلية الأخرى عن 1.9 في المائة من إجمالي نصيب قطاع الصناعة التحويلية في الناتج والذي لم يزد على 5.9 في المائة. كذلك كان نصيب القطاعات الخدمية، باستثناء القطاع الخدمات الحكومي والذي بلغت مساهمته في هذا العام 15.3 في المائة، محدودا للغاية، وكاقتصاد تقليدي اتسم الاقتصاد السعودي في هذا العام بتواضع المساهمة النسبية لقطاعات الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي والتي لم تتجاوز 30 في المائة في عام 1970، بينما بلغت مساهمة القطاعات السلعية نحو 69 في المائة الجانب الأكبر منها من المصادر الأحفورية.
شهد عقد السبعينيات تطورات ملحوظة في التركيب القطاعي للناتج بصفة خاصة النمو الملحوظ لقطاعات التشييد والبناء الذي ارتفعت مساهمته من 5 في المائة في عام 1970 إلى نحو 11 في المائة في عام 1980، وقطاع العقارات من 7 إلى 11 في المائة على التوالي تقريبا، في الوقت الذي تضاعفت فيه مساهمة قطاع التجارة والمطاعم والفنادق إلى 5 في المائة تقريبا، من جانب آخر، تراجعت مساهمة قطاع التعدين والتحجير والتي أخذت في التراجع بصورة بطيئة حتى بلغت نحو 44 في المائة في نهاية العقد.
بحلول منتصف عقد الثمانينيات أخذت فورة قطاع البناء والتشييد في التراجع لعدة أسباب أهمها تراجع الإيرادات النفطية والانتهاء من تشييد معظم مشروعات البنى التحتية التي بدأتها المملكة بعد فورة أسعار النفط في أوائل السبعينيات، لدرجة أنه في عام 1990 تراجعت مساهمة هذا القطاع إلى 6.5 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي لتستقر عند هذه المستويات تقريبا بعد ذلك. كذلك استمرت مساهمة قطاع التعدين والتحجير في التراجع على نحو ملحوظ من 41.7 في المائة في عام 1981 إلى 30.7 في المائة فقط في عام 1990. في المقابل شهد قطاع الصناعات التحويلية نموا واضحا، حيث تضاعفت مساهمته تقريبا خلال هذا العقد حتى بلغت 8.4 في المائة في عام 1990، منها 4.8 في المائة للصناعات التحويلية الأخرى غير صناعة تكرير الزيت، وتضاعفت مساهمة قطاع الزراعة والصيد بثلاثة أضعاف تقريبا من 2 في المائة في بداية العقد إلى 6 في المائة في عام 1990. كذلك استمرت مساهمة قطاع الخدمات الحكومي في النمو بصورة ملحوظة حتى بلغت 19.1 في المائة في عام 1990، أدت هذه التطورات إلى تراجع مساهمة القطاعات السلعية بصورة كبيرة إلى نحو 52 في المائة، في مقابل ارتفاع مساهمة قطاع الخدمات خلال هذا العقد.

#2#

استمرت التأثيرات السلبية لتراجع النمو في القطاع النفطي خلال الثمانينيات تلقي بظلالها على الاقتصاد السعودي خلال عقد التسعينيات، وفيما عدا نمو مساهمة قطاع الصناعات التحويلية في الناتج إلى 10.4 في المائة، منها 7.5 في المائة نسبة مساهمة الصناعات التحويلية الأخرى غير صناعة تكرير الزيت، فإن المساهمة النسبية للأنشطة الاقتصادية المختلفة في الناتج ظلت كما هي تقريبا دون تغير ملموس، واستمرت مساهمة القطاعات السلعية والخدمية على حالها تقريبا بنهاية العقد، وبدا من الواضح أن الاقتصاد السعودي يعيش حالة من الركود الاقتصادي خلال هذا العقد.
بحلول الألفية الثالثة حدثت بعض التغيرات المهمة في التركيب القطاعي للناتج المحلي أهمها استمرار مساهمة قطاع الصناعة التحويلية في النمو حتى بلغت 13.3 في المائة في عام 2011، منها 2.4 في المائة فقط لصناعة تكرير الزيت، ومقارنة بعقد السبعينيات فإن مساهمة قطاع الصناعة التحويلية قد تزايدت بصورة جوهرية، وهو ما يعكس تزايد حجم القطاع الصناعي في المملكة، غير أن مساهمة هذا القطاع ما زالت أقل من المساهمة المتوسطة لمثل هذا القطاع في الاقتصادات الناشئة، وتزايدت مساهمة قطاع النقل والتخزين والاتصالات من 5.3 في المائة في بداية العقد إلى 7.6 في المائة في عام 2011، وارتفعت مساهمة قطاع التشييد والبناء بصورة محدودة إلى 7.5 في المائة في نهاية العقد. كما تراجع نصيب قطاع التعدين والتحجير إلى 22.8 في المائة في عام 2011، في الوقت الذي استمرت مساهمة قطاع الخدمات الحكومية مرتفعة عند مستوى 18.2 في المائة في عام 2011، وفي نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة تصل مساهمة قطاع الخدمات في الناتج نحو 52 في المائة، وذلك مقارنة بنسبة 30 في المائة في 1970.
الجدول رقم 2 يلخص تطور المساهمة المتوسطة للقطاعين النفطي وغير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي خلال العقود الأربعة الماضية في المملكة، ومن الجدول يتضح تراجع مساهمة القطاع النفطي في المتوسط من 52.6 في المائة خلال السبعينيات إلى 30.2 في المائة خلال العقد الأول من هذا القرن، في مقابل تزايد مساهمة القطاع غير النفطي من 46.2 إلى 68.6 في المائة على التوالي. كذلك يوضح الجدول أنه فيما يتعلق بملكية القطاع غير النفطي تزايدت حصة القطاع الخاص من 30.3 إلى 45.7 في المائة على التوالي، كما تزايدت حصة القطاع الحكومي من 15.9 إلى 23 في المائة على التوالي.
على الرغم من كل التحولات السابقة فيما يتعلق بمساهمة الأنشطة الاقتصادية المختلفة في تكوين الناتج إلا أنه يلاحظ أن القطاع النفطي ما زال يلعب الدور الرائد في تحديد مستويات الناتج والدخل في المملكة، من ناحية أخرى فإنه أخذ في الاعتبار أن القطاع النفطي مملوك بالكامل للقطاع الحكومي، فإنه من الواضح أن القطاع الحكومي ما زال يسيطر على الجانب الأكبر من مجريات النشاط الاقتصادي في الاقتصاد السعودي.
مثل هذه الخصائص للاقتصاد السعودي تفقده جانبا كبيرا من قوة الدفع الذاتي في النمو، وهي إحدى سمات الاقتصادات شبه أحادية الموارد، حيث يظل النمو رهنا بتطورات القطاع النفطي من جانب، ويعتمد أساسا على اتجاهات الإنفاق الحكومي من جانب آخر، الأمر الذي يجعل النمو تحت رحمة تطورات السوق العالمي للنفط الخام والكميات المصدرة منه، وهو، كما لاحظنا في الحلقة السابقة من هذه السلسلة، ما يؤدي إلى حدوث تقلب شديد في معدلات النمو الاقتصادي في الناتج الحقيقي للمملكة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي