تحول في خريطة الاتحاد الأوروبي للطاقة 2050 (1 من 2)

تتبنى الدول الغربية مجموعة من الإجراءات والسياسات في مجال حماية البيئة وتقليل تأثيرات التغير المناخي. أهم الجوانب من هذه السياسات هي: التوسع في إنتاج الوقود الحيوي، كبديل للبنزين ووقود الديزل في مجال النقل، التوسع في استخدام التقنيات المنخفضة الكربون اللازمة لتحقيق الاستقرار في انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون، تحسين الكفاءة والتوسع في استخدام الأنواع المختلفة من الطاقات البديلة والمتجددة في مجال توليد الطاقة الكهربائية. في هذا الجانب وضع الاتحاد الأوروبي مؤخرا خريطة طريق في مجال الطاقة حتى عام 2050، وفقا لخريطة الطريق الجديدة يتحتم على الاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوات مهمة للتحول جذريا من الوقود الأحفوري والاعتماد أكثر وأكثر على مصادر الطاقة المتجددة، على الرغم من أن هذا التحول سوف يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الكهرباء على مدى العقدين المقبلين.
خريطة طريق الطاقة لعام 2050 تعد استكمالا لخريطة الطريق لخفض الكربون لعام 2050 الصادرة عن المفوضية الأوروبية في وقت سابق من عام 2011، والتي تسعى إلى رسم السياسات الخاصة من أجل خفض انبعاثات الكربون بنسبة قد تصل إلى أكثر من 80 في المائة بحلول منتصف القرن. وفقا لخطة الطاقة الجديدة، يجب تغيير أنظمة توليد الطاقة في أوروبا والتي تستند في معظمها في الوقت الحاضر على الوقود الأحفوري.
معظم السيناريوهات ضمن خريطة طريق الطاقة لعام 2050 تشير إلى أن أسعار الكهرباء سوف تستمر بالارتفاع إلى 2030، ولكنها قد تنخفض بعد ذلك. تشير الخطة إلى أن هذا الارتفاع يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع في تكاليف نفقات الطاقة بنسبة قد تصل إلى 15 في المائة من دخل الأسرة في عام 2030 و16 في المائة في عام 2050، هذا يشمل أيضا التكاليف الرأسمالية وتكاليف وقود النقل. على الرغم من ذلك تدعي الجماعات المدافعة عن البيئة بأن أسعار الطاقة المتجددة سوف تصبح أرخص بكثير مقارنة من أسعار أنواع الوقود الأحفوري المختلفة على مر الزمن.
تتضمن خريطة الطريق مجموعة من السيناريوهات تأخذ في الاعتبار مستويات مختلفة لتحسين كفاءة استخدام الطاقة، مستويات مختلفة من استخدام الطاقة المتجددة، تأخير محتمل في تنفيذ تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، وسواء تم استخدام أكثر أو أقل للطاقة النووية. حتى من دون استثمارات إضافية في مصادر الطاقة المتجددة، تتوقع خريطة الطريق ارتفاع تكاليف الاستثمار في مجال الطاقة، حيث إن البنية التحتية الحالية تحتاج إلى تحسينات كبيرة وتحديث في أماكن مختلفة. إضافة إلى ذلك، تشير الخريطة إلى أن مصادر الطاقة البديلة والمتجددة لها ميزة كونها لا تتعرض لتقلبات أسعار الوقود الأحفوري، ولا تتعرض لتحديات استيراد النفط والغاز، على سبيل المثال تشير إلى هيمنة روسيا على توريد الغاز الطبيعي إلى أوروبا.
تشير الخريطة إلى ضرورة خفض انبعاثات الكربون ما بين 80 و95 في المائة بحلول عام 2050 لاحتواء ارتفاع درجة حرارة الأرض في حدود 2 درجة مئوية، التي يعتقد بعض العلماء بأنها ضرورية لتجنب أسوأ الآثار من تغير المناخ.
في هذا الجانب تشير خريطة الطريق إلى أن قطاع توليد الطاقة الكهربائية هو القطاع الأوفر حظا لخفض انبعاثات الكربون من قطاع النقل لان الطلب على النفط في قطاع النقل غير مرن نسبيا inelastic، على الرغم من أن الخريطة ترى أنه في نهاية المطاف على هذا القطاع التحول أيضا نحو السيارات الكهربائية. مع ذلك، فإن خريطة الطريق ترى أن هناك حاجة لبعض الاستثمارات النفطية الوقائية، على الرغم من أن العديد من شركات المصافي الأوروبية كانت حريصة على غلق مصافيها لأنها لم تكن مربحة بما فيه الكفاية. حيث إن الحفاظ على موطئ قدم في أسواق النفط العالمية والحفاظ على المصافي المحلية حتى في حالة انخفاض الإنتاج والاستهلاك الأوروبي هو أمر مهم لاقتصاد وأمن إمدادات الاتحاد الأوروبي.
وفقا لجميع سيناريوهات خريطة الطريق 2050، الطاقة الكهربائية سوف تلعب دورا أكبر بكثير في مزيج الطلب على الطاقة من الوقت الحاضر، حيث تتوقع تضاعف حصتها تقريبا في الطلب النهائي على الطاقة في أوروبا لتصل إلى 36 - 39 في المائة في عام 2050. حصة الطاقة المتجددة من المتوقع أن ترتفع بشكل ملحوظ في جميع سيناريوهات الخطة الأوروبية، وتحقق ما لا يقل عن 55 في المائة من إجمالي الاستهلاك النهائي للطاقة في عام 2050، بزيادة 45 نقطة مئوية من مستواه الحالي البالغ 10 في المائة. في سيناريو الاستخدام العالي للطاقة المتجددة، فإن حصتها سوف ترتفع إلى 97 في المائة بحلول عام 2050. في هذا الجانب أشارت خريطة الطريق إلى أن الاستخدام الواسع النطاق للطاقة المتجددة يجب أن يتزامن مع وجود تغيير في الدور الذي يلعبه المستثمرون في تمويل المرافق الجديدة.
في المقابل تتوقع الخريطة انخفاض استخدام الفحم إلى مستويات متدنية جدا، في حين تتوقع أن يلعب الغاز الذي ينبعث منه فقط نحو نصف كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الفحم عند استخدامه لتوليد الطاقة، دورا مهما كوقود انتقالي حتى عام 2030 أو عام 2035.
لكن أهمية الغاز الصخري لم تكن واضحة في خريطة الطريق، من المرجح لأن هذه الموارد لا تزال في مرحلة مبكرة من الاستكشاف في أوروبا. على الرغم من أن بولندا تحرص على تطوير مواردها الضخمة من الغاز الصخري، لكن دعاة حماية البيئة أثاروا المخاوف إزاء عملية التكسير الهيدروليكي لاستخراج الغاز من الصخر الزيتي. في هذا الجانب أوصت المفوضية الأوروبية بإجراء دراسة قانونية لتقييم ما إذا كانت تشريعات الاتحاد الأوروبي كافية في هذا الجانب لتغطية أي مشاكل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي