رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


استكشاف النجاح

النجاح هدف يسعى إليه البعض، لكن البعض الآخر لا يسعى للنجاح، بل كل ما يهمه الاستمتاع بما يترتب على ما يعتقد أنه النجاح، فالنجاح في حد ذاته ليس هدفاً عند هؤلاء، بل وسيلة وجسر يوصل لما بعد النجاح، لذا فالنجاح حالة نفسية وعقلية تكسب صاحبها مهارات واستعدادات يوظفها في مواقف عدة.
المكاسب المترتبة على النجاح هي كل ما يهم البعض، وإن تسنى للفرد الوصول لهذه المكاسب مع تجاوز حالة النجاح ومتطلباتها وشروطها فهذا أمر محبب ومطلوب حتى إن تطلب ذلك الكذب والتدليس والخداع للآخرين، والظهور بمظهر الإنسان الناجح الذي بذل من الجهد والوقت والعرق الكثير. كم هم الذين يحققون النجاح وما يترتب عليه بالطرق المعتبرة والمتعارف عليها؟ ليس لدي نسبة، لكن من المؤكد أن هناك من يحققون مكاسب يفترض ألا تتحقق لهم لأنهم لم يبذلوا ما يجب حتى يصلوا إلى هذه المرحلة .
النجاح موجود داخلنا، وعلينا استكشافه وإخراجه من ذواتنا بدلاً من كبته وإماتته، لكن البعض لا يرغبون في الرجوع لذواتهم والتفتيش فيها لمعرفة ما بداخلهم من مكامن قوة ونجاح، إنما يكتفون بالقفز على مراحل النجاح، والاكتفاء بأساليب ملتوية يظن مزاولوها أنهم بهذه الأساليب أذكياء والآخرون مغفلون لا يفقهون شيئاً، إذا كان النجاح يرتبط بالتغيير والانتقال من حال إلى حال فإن التغيير يبدأ من الذات كشرط لازم لإحداث النجاح، فالنجاح لا يتحقق مع حالة السكون والركون، بل لا بد من التجديد الذي ينتقل فيه الفرد من وضع إلى وضع، وما ينطبق على الفرد ينطبق على المؤسسات، والإدارات والأوطان التي يلزمها قبول التغيير في فلسفة العمل، أو إجراءاته أو أهدافه وآلياته، فهذه كلها قد تكون عوامل مساعدة على النجاح، أو عوامل تعوق الوصول إليه.
''إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم''.
السعي الدؤوب لمعرفة الذات وإمكاناتها وجوانب القوة والضعف فيها، تشكل خطوة أساسية للنجاح، على أن هذا الاستكشاف قد يكون فيه من المفاجآت السارة، وغير السارة، وفي هذه الحالة على الفرد تقبل الوضع لكن مع عدم الاستسلام له إن كان في الذات ما لا يسر. من متطلبات النجاح محاسبة الذات الدائمة واليومية دون جلد أو تجريح لها، بل محاسبة على شكل مراجعة وتقويم يمكن من خلالها إصلاح الأخطاء، أو حتى تغيير المسار إن تطلب الأمر ذلك.
النجاح يحتاج إلى مساحة من الحرية للفرد أو المؤسسة يمكن من خلالها اتخاذ القرار، ولو بقدر من الاستقلالية، وهذا قد لا يتحقق في حال ألزم الفرد نفسه أو المؤسسة بأمور قد تعوق أداء العمل، أو تفرض أسلوباً لتنفيذ العمل.
التصرفات الصادرة من قرارات ذاتية وغير مفروضة بصورة فوقية أجدى في الوصول إلى النجاح من أقصر الطرق، وبأقل التكاليف. الإنسان الذي يسعى للنجاح يفترض في ذاته أنه قدوة للآخرين، وأنه تحت ملاحظتهم ومراقبتهم، وهو بذلك قد يعطي صورة مغلوطة للقدوة ثم قد لا يحقق النجاح لأنه في مثل هذا الوضع يظن خطأ أنه مصيب في تصرفاته وأفعاله، وهذا ما أوقع البعض في شراك الغرور الذي جعلهم يسفهون الآخرين وآراءهم، ويظنون أنهم على حق في كل شيء، وعلى طول الطريق، وما على الآخرين إلا اتباعهم والحذو حذوهم.
القدوة خاصية قد يفقدها المسؤول، ومن ثم إما أن يكون قدوة سيئة أو قدوة حسنة، وفي كلتا الحالتين إضرار بالعمل، وتوقف عن النجاح إن لم يكن لا نجاح على الإطلاق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي