زيادة الإنتاجية في ظل ضخامة الميزانية (2 من 2)

استكمالا لاستعراض أهم النقاط التي يجب أن تهتم بها المؤسسات القائمة بتنفيذ مشاريع الدولة لزيادة الإنتاجية وتحسين موقعها التصنيفي ولتحظى بالتقدير والاحترام الذي تنشده فالنقاط هي:
3) هناك مبادئ لا بد من وضعها على موقع بارز في المؤسسة أو الشركة لتكون منبها لكل موظف ومنسوب. من هذه المبادئ: ''أن كل الدول ذات الإنتاجية العالية تجدها أغنى الدول وبالتالي أبعدها عن الفقر أو التسبب فيه على الأقل على المستوى المحلي''. فهلا كرسنا جهودنا لتحقيق ذلك. ثم إن ''العقلانية'' مع أنها أحد المفاهيم في نظرية الإدارة إلا أنها تكاد ترتقي إلى درجة مبدأ يريد كل طرف في أي مؤسسة تطبيقه عمليا. فلماذا تبتعد المؤسسات عن التمسك به لترى تأثيره الفعلي خلال الأداء؟
4) أن الدافع الرئيسي لزيادة الإنتاجية هو الدافع المادي فإذا أراد المسؤولون ذلك فما عليهم إلا أن يربطوا بين ربح الموظف وبين إنتاجيته فيشجعوا على تحفيز العاملين بزيادة الإنتاجية ويؤسسوا لمبدأ التحليل النفسي في إدارة المشاريع.
5) للشركات ذات العقود الكبيرة والطويلة الأمد أن تعنى بموضوع المتابعة والمراجعة الأسبوعية والشهرية والمرحلية ويكون التقييم حسب المعايير الأساسية لكل مجال، وحبذا لو تراجع في ذلك مع خبير أكاديمي أو متخصص في مثل هذه الأنشطة (يكون محل ثقة) ليكون التنفيذ منهجيا ومحددا بشكل مباشر.
6) توزيع المسؤوليات والصلاحيات بشكل هرمي وليس بشكل أفقي أو عمودي لئلا يغرق شخص في كل الأعمال والمهام، أو يصعب جمع شتات الموضوع إذا ما كانت المتطلبات متعددة ومتشابكة فينتهي المشروع إلى كارثة لا تخدم أيا من أطرافه وعلى الأخص المستفيد الأول وهو عادة القطاع الحكومي.
7) لا بد من أن يكون زمام أمور القوى العاملة منوطا بجهاز ''الموارد البشرية'' مهمته الاهتمام بشؤون المنسوبين كافة وأهم جانب هو الحرص على تبني قيم وأخلاقيات المهن المختلفة (أخلاقيات المهن ليست فقط في الصحة والعدل). كما يتمكن عند الفوز بمشاريع ضخمة القيام مثلاً بــ: (أ) التبادُل والمشاركة في القوى العاملة على كل المستويات بين الشركات المختلفة أو بين شركات المجموعة الواحدة؛ حيث يمكن ذلك الشركات من تخطي مشاكلها وتقصير فترة الإنجاز وتحسين مستواه مع الحفاظ على حقوق كل جهة خلال التنفيذ وبعده. المهم هنا هو الاستفادة من متميزين يمكن الاستغناء عنهم في جهة وتستفيد منهم جهة أخرى مع حفظ الحقوق. (ب) تخيُّر أفضل وأسرع الموظفين لأكبر المشاريع أن تعددت للشركة الواحدة وذلك لضمان إتمام إجراءات العمل بشكل مقنن وسريع وقابل للمراجعة. (ج) تعديل أوقات الدوام إن أمكن في حالات معينة لبعض المشاريع حتى يمكن القيام بشؤون أخرى إداريا أو عمليا تجعل وتيرة العمل مستمرة بدون انقطاع أو رفع مستوى تقبل القوى العاملة لبيئة العمل وتغير خواصها من مشروع لآخر. (د) النزول لمواقع التنفيذ وتحديد المراحل أو الأوقات أو الأماكن أو المجموعة التي تتسبب في اهتزاز وخلل العمل نتيجة لأداء غير متوازن أو نوقش ذلك جديا. يمكن التدخل مع الإدارات المعنية لإعادة الأمور إلى نصابها ولكن لابد من أن يكون التنفيذ من قبل جهاز الموارد البشرية للاختصاص؛ حيث يقوم بكل ما يراه منتجا وناجعا.
8) وقف أي نزيف (ومن ثم عدم تكرار ما قد) تسَببَ فيه مندوب أو وسيط أو منفذ ميدانيا لئلا تتكبد الشركة تكاليف تصرفاته فتؤثر في الموقف المالي أو مستوى جودة التنفيذ، وبالطبع هذا مدعاة للدخول في دوامة محاسبة حماية المستهلك وهيئة الفساد التي قد تكلف الشركة سمعتها وخسائر قد لا تتجاوزها فتخرج من السوق.
9) الاهتمام بالعمل مع مقاولي الباطن المرخصين والمتميزين في مجالاتهم حسب الاختصاص والخبرة الطويلة لئلا يُستنزف الوقت وتنخفض الإنتاجية ويحكم على المشروع بالوأد ومن ثم الخسارة، وفي هذه الحالة الخسارة جماعية أي لكل الأطراف.
10) تكثيف استخدام التقنية وتقليص استخدام ''المناولة اليدوية'' لاختزال الوقت والإسراع في التواصل داخليا وخارجيا وتحسين دقة المراقبة والمتابعة من خلال تتبع قراءة كشوف وتقاري، واستخدام محركات البحث على الإنترنت لمتابعة المشاريع الإنشائية (على وجه الخصوص) وليس الاعتماد على الأقوال والأحاديث.
ربما تلجأ الحكومة في قطاعاتها الرقابية المختلفة بتعديل آلية المراقبة والمتابعة لتنفيذ المشاريع. فكما نعلم أن المراقبة المالية هي أكثر ما نركز عليه لأنها تعكس مدى استخدام الموارد في تنفيذ المشاريع بفاعلية وبشكل جيد. إلا أن التركيز على نوعية المخرجات أيضا مهم، فكثير من المشاريع تتهاوى ويتكشف سوء التنفيذ لها بعد فترة وجيزة من الإنجاز على الرغم من إثبات توريد المواد وتوظيف الأعداد اللازمة من القوى العاملة وصرف المبالغ حسب المراحل التنفيذية... إلخ. لذلك فقد يتم تطوير العمل بربط الجهة المنفذة بالجهات الرقابية آلياً وتقنيا، والاعتماد على الأجهزة الميدانية المحمولة، والشخوص على المواقع للتأكد والمطابقة فقط. هذا لن يترك مجالا للمراقب أو المنفذ أو أي وسيط بالاجتهاد أو التغيير عند عرض تقييم الأداء وتحديد نوعية ومستوى الإنجاز. كما سيجعل المنفذ تحت المجهر طوال فترة التنفيذ، ومن ناحية أخرى يكون المستفيد راض وهو يستفيد من هذه المشاريع. والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي