رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


صحتي ونجاحي في إفطاري

صحتي ونجاحي في إفطاري، هذا عنوان لقاء عقده معهد التربية الفكرية التابع لمكتب الإشراف في البديعة، حيث نظم المعهد لقاءً لمنسوبي المعهد وأمهات الطلاب، وذلك بهدف تأكيد أهمية إفطار الطلاب نظراً لما لوجبة الإفطار من قيمة وفائدة تنعكس على سلوك الطلاب وأدائهم أثناء اليوم الدراسي. ومع أن الأطباء كثيراً ما يؤكدون أهمية وجبة الإفطار في البرامج التلفزيونية وفي مقالاتهم، وكذلك عند زيارتهم في العيادات والمستشفيات، إلا أن البعض يهمل هذه التوجيهات ولا يعيرها اهتماما، ما يكون له أثر سلبي على الطلاب في تركيزهم ونشاطهم واستيعابهم، ومن ثم في صحتهم بشكل عام.
عند قراءتي هذا الخبر تذكرت قصة حدثت مع إبراهيم الحجي وكيل وزارة المعارف سابقاً - رحمه الله - حيث ذكر في مناسبة من المناسبات أنه عندما كان على رأس العمل ذات يوم إذا بشخص يدلف إلى مكتبه في الصباح الباكر، وعرفّه بنفسه على أنه مدير لإحدى مدارس الرياض في حي تقطنه أسر فقيرة، وقد لاحظ أثناء عمله في هذه المدرسة وجود عدد لا بأس به من الطلاب يظهر عليهم الفقر، كما أن أداءهم الدراسي كان ضعيفاً للغاية، إضافة إلى كثرة شكاوى المعلمين من بعضهم في سلوكهم وشرودهم ومشاغبتهم، التي تنم عن وجود مشكلة من المشكلات لديهم، وفكر هذا المدير الفطين في أسباب هذا الوضع لهؤلاء الطلاب، واستقر رأيه عند فرض مفاده أن هؤلاء الطلاب يأتون للمدرسة وبطونهم خاوية، وأن حالة الجوع هي السبب في المشكلات السلوكية والتعليمية التي لوحظت عليهم، لذا قرر تقديم وجبة إفطار مجانية لهؤلاء الطلاب علها تساعد على حل مشكلاتهم.
جاء مدير المدرسة إلى وكيل الوزارة ليس للمساعدة، لكن ليطلب الإذن والموافقة حتى لا يكون تصرفه محل مساءلة، وأعطاه الوكيل الإذن في مشروعه الخيري على أن يوافيه بنتائج هذا المشروع. وبعد انقضاء السنة الدراسية لاحظ مدير المدرسة تحسناً في أداء الطلاب وفي سلوكهم وانضباطهم وتغيرا واضحا لدى أولئك الطلاب لكل من يعمل في تلك المدرسة.
في ظني أن في الخبر وفي القصة التي حدثت قبل عقود دلالة واضحة على أن المسؤول في المرفق التربوي يجب أن يكون حسه التربوي حاضراً في كل الأوقات، وفي كل الظروف والحالات، ومع جميع طلابه، هذا الحس عند حضوره، وعند تفعيله في الوقت المناسب يحدث التغيير المطلوب والمناسب الذي ينقل من يستخدم معه من وضع إلى وضع أفضل يظهر أثره فيه كفرد، وفي المجتمع الذي يستفيد من نجاح الفرد ليكون عضواً صالحاً ومنتجاً في مجتمعه بدلاً من أن يكون عالة ومصدر أذى لنفسه والآخرين.
ترى كم هم العاملون في الحقل التعليمي الذين تتحرك مشاعرهم الإنسانية في الحالات والظروف التي تستوجب ذلك، لكن ليس على شكل تعاطف في الأداء التعليمي أو الأكاديمي، إذ يجب ألا يفهم أن المقصود هو إعطاء الطالب درجات لا يستحقها أو تركه يغش، فهذه ليست من المشاعر الإنسانية بل هي مدمرة لمستقبل الطالب.
في التربية، وعلم النفس يوجد تراث ضخم، وأدبيات كثيرة بشأن تعديل السلوك، والنماذج الممكن استخدامها من قبل من يحتاج إلى تعديل سلوك فرد ما، وبعض البرامج والنماذج معقدة ومكلفة في الوقت ذاته، لكن مدير المدرسة الوارد في القصة عدل السلوك، ورفع مستوى الطلاب التربوي والتعليمي بأسلوب بسيط تمثل في تقديم وجبة إفطار مجانية، ومع أنها مكلفة للمدير مادياً إلا أنها أتت بنتائج إيجابية يشكر عليها حيث استفاد من عمله هذا الطلاب والمجتمع.
ترى هل تحل كل مشكلاتنا التربوية بهذه البساطة؟ كلا، إن من المشكلات ما يحتاج إلى وقت طويل وإجراءات معقدة وطول نفس، كما يحتاج الأمر إلى تضافر في جهود جهات عدة، منها الأسرة والثقافة التي تحملها والجهود التي تبذلها لمساندة المدرسة، لأن التربية عملية تكاملية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي