شركات الاستثمار المالي.. قطع شطرنج بيد من؟

تلعب مؤسسات الاستثمار المؤسسي دورا في تطوير أعمال الأسواق المالية. فترتقي بالأسواق من الحالة الصورية التي تعتمد على المضاربة على أسهم شركات، علما أن هذه الأسعار لا تمثل إلا جزءا يسيرا من قيمتها السوقية أو قيمتها العادلة. هذه الشركات تقوم بعملية الاستثمار المالي، من أجل المشاركة في تمويل الشركات والمشاركة في تحقيق الأرباح، فهي تقوم بالإنابة عن المساهمين الأفراد في تشكيل المحافظ المالية المتوازنة من ناحية القيمة والمخاطر والعائد.

الواقع الذي تعيشه السوق السعودية في ثماني سنوات تقريبا هي عمر السوق المالية السعودية، واقع أقل من المستحق بكثير. في لقاء مع أحد مسؤولي شركات الاستثمار قال لي إن نسبة تملك الأفراد في سوق الأسهم السعودية بين 80 و90 في المائة، وإن نسبة تملك شركات الاستثمار بأنواعها المتعددة لا تكاد تصل إلى 15 في المائة في أفضل الأحوال. علما أن هذه النسب تنطبق على أقل من 50 من الأسهم المصدرة، وهي الأسهم الحرة في السوق. من وجهة النظر الأكاديمية وجود الأفراد في سوق الأسهم يؤثر كثيرا على مصداقيته، حيث إن أغلب الأفراد لا يملكون المهارات والقدرات اللازمة لتقييم الأسهم والدخول في استثمار ريعي. وهذا الأمر يجعل التذبذب هو ديدن السوق والسقوط فيه يؤدي بصاحبه إلى الهاوية المالية، وهذا ما حصل للكثيرين في عام 2006.
في بريطانيا عام 2000، مثلا كانت نسبة تملك الأفراد في أسهم الشركات المطروحة ما يقارب 30 في المائة، بينما ما تمتلكه شركات الاستثمار المؤسسي Institutional Investors توازي 70 في المائة.
الملاحظ من خلال قراءة دور هذه الشركات في السعودية، أنها تقوم بدور بسيط جدا، وأنها شركات لا تحقق تلك العوائد التي يأملها الأشخاص من سوق الأسهم، والأسباب هنا كثيرة ومنها القيود المفروضة على تملك هذه الشركات، عدم تمكينهم من امتلاك نسبة عالية، وبالتالي حرمانهم من التدخل في إدارة ومراقبة أداء هذه الشركات. والواقع أن هذه الشركات كأنها قطع يلعب بها على رقعة شطرنج، في بعض الأحيان ينشر أنه تم منح الترخيص، وأخرى سحب الترخيص، وثالثة إلغاء الترخيص، ورابعة تم طلب إلغاء الترخيص. هذا الحراك ليس أمرا طبيعيا في سوق نشط مثل السوق السعودية، يوجد به فرص مميزة للاستثمار، والسؤال هنا يوجه للجهات ذات العلاقة والشركات أنفسهم ما الذي يحدث في سوق الاستثمار المؤسسي؟
بالتأكيد أن السوق والاقتصاد الوطني هما الخاسران من إقصاء مثل هذه الشركات، سواء بسن التشريعات الصارمة، أو التهاون في منحهم الفرصة الكاملة للدخول بكل قوتهم في السوق. في المقابل فإن الاقتصاد والسوق سيحققان مكاسب مبهرة في حال منحت هذه الشركات الفرصة للتدخل في صياغة السوق، وخلق الفرص الاستثمارية وتطويرها.
مثل هذه الشركات قد تكون حلا لاستيعاب قطاع كبير من شباب وشابات الوطن للعمل في شركات الاستثمار وإعادة الاستثمار، والتي سيكون لها دور في تأسيس الشركات وخلق الفرص الاستثمارية التي يراد لها أن تكون خيارا أفضل من الاستثمار الأجنبي الذي قُدم على أنه حل للاقتصاد الوطني، ولكن طريقة تنفيذه جعلته وبالا على الاقتصاد الوطني.
أتمنى أن نرى شركات الاستثمار وقد منحت فرصة في تشكيل وخلق الفرص الاستثمارية والدخول في الاستثمارات بنسب مفتوحة، حتى تساهم في إدارة وحماية الأموال وتنميتها بما يعود على الوطن والمواطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي