3 تساؤلات لوزارة التجارة والصناعة
تشير إحصاءات اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا ''الأسكوا'' إلى أن معدل منسوب سقوط الأمطار السنوي في السعودية يقارب 112 ملم بينما المعدل في العالم 250 ملم. تشير الإحصاءات ذاتها كذلك إلى أن معدل استهلاك الفرد في السعودية في الوقت الراهن يعادل قرابة 95 في المائة من كمية الموارد المائية المتوافرة. ويتوقع أن يزداد معدل الاستهلاك عام 2020 ليصل إلى 317 في المائة من الموارد المائية المتوافرة. بمعنى أن قضية استهلاك المياه في السعودية ستكون أمام تحدي عجز في كمية المياه المتوافرة للمستهلك بمقدار 217 في المائة بحلول 2020. السبب خلف نشأة هذا العجز هو التفاوت الكبير بين معدل الاستهلاك السنوي ومعدل الإنتاج السنوي من الموارد المائية، حيث يقدر أن السعودية تستهلك قرابة 22 كيلو مترا مكعباً من المياه سنوياً، وتنتج في الوقت ذاته قرابة 2.5 كيلو متر مكعب. وتتم تغطية الفرق بين كميتي الاستهلاك والإنتاج من خلال الاعتماد على الموارد المائية غير التقليدية، كمياه الآبار والصرف الصحي المعالج والتحلية.
يشكّل الثالوث المائي (الزراعة، الري، والألبان) أهم أسباب عجز المياه المتوقع فالزراعة تستهلك قرابة 80-90 في المائة من مواردنا المائية. وأنظمة الري الزراعي القائمة تستخدم تقنيات ري حديثة تعتمد على أسلوب الضغط العالي بهدف تغطية أكبر مساحة ممكنة من الحقول الزراعية مما يؤدي إلى تبخر قرابة 40 - 50 في المائة من المياه خلال عملية الري. وصناعة الألبان ومشتقاتها تستنزف مواردنا المائية بشكل رئيس خلال مرحلتي زراعة الأعلاف وإنتاج الألبان ومشتقاتها، حيث تحظى الأعلاف المنتجة بجودة عالية مقارنة بالأعلاف المستورة. وتتطلب هذه الجودة كميات كبيرة من المياه. ومرحلة إنتاج الألبان ومشتقاتها تستهلك كميات كبيرة من المياه اللازمة لإنتاج المنتج النهائي كاللبن والحليب.
السؤال الأول الموجه لوزارة التجارة والصناعة: هل سنرى إجراءات جريئة على صناعات الاستنزاف المائي في قطاعات الزراعة والصناعات التحويلية والمتقدمة مما من شأنه المحافظة على مواردنا المائية؟
يشير التقرير السنوي للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الأخير إلى اختلال في ديمغرافية المنشآت الاقتصادية في المملكة بوجود قرابة 210172 منشأة صغيرة يعمل فيها أقل من 60 عاملاً مسجلة في نظام التأمينات نهاية 2009. يشكل هذا العدد ما نسبته 96.24 في المائة من المنشآت الاقتصادية المسجلة في المملكة. وتتقاسم المنشآت المتوسطة والكبيرة النسبة الباقية بواقع 2.5 في المائة منشآت متوسطة و1.26 منشآت كبيرة. تواجه هذه المنشآت الصغيرة والمتوسطة مجموعة من التحديات التي تعوق نموها الاقتصادي واستدامتها.
وتشير دراسة صادرة قبل ثلاثة أعوام من الغرفة التجارية الصناعية في الرياض إلى سبعة تحديات رئيسة تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة. يأتي تحدي ''الإجراءات الحكومية'' في المرتبة الأولى بتشكيله قرابة 20 في المائة من مجموع التحديات، و''الحصول على التمويل المالي'' (18 في المائة)، و''تسويق الخدمات والمنتجات'' (16 في المائة)، و''وجود العمالة المناسبة'' (13 في المائة)، و''تواضع المعرفة الفنية'' (13 في المائة)، و''إدارة المنشأة'' بنسبة 10 في المائة، وأخيراً، ''الحصول على المعلومات الاقتصادية اللازمة'' (10 في المائة). أسهمت هذه التحديات في تواضع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي. يشير تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي إلى أن منشآت القطاع الخاص أسهمت بما نسبته قرابة 33 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السعودي بنهاية 2010. وتعد مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من ضمن هذه النسبة.
السؤال الثاني الموجه لوزارة التجارة والصناعة: إلى أي مدى تتوافق برامج تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة مع مستهدفات مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي بنهاية الخطة التنموية التاسعة؟
يعود تاريخ الغرف التجارية الصناعية إلى الأربعينيات الميلادية من القرن الماضي عندما تأسست غرفة جدة في 1945، فمكة المكرمة في 1947، فالمنطقة الشرقية في 1952، فالرياض في 1961. جاء تأسيس هذه الغرف انعكاسا طبيعيا لتطور الحركة التجارية والصناعية في هذه المناطق الجغرافية. ستحمل الفترة المقبلة تحديات وآفاقا مختلفة في الكم والنوع عن تلك التي ظهرت في الماضي كترجمة طبيعية لتطور دور الاقتصاد السعودي من اقتصاد ''محلي - إقليمي'' يعتمد على مورد اقتصادي وحيد في الأمس، إلى اقتصاد ''إقليمي - دولي'' يعتمد على مجموعة من الموارد الاقتصادية في الغد، بعون الله تعالى. وسيعلّق على الغرف التجارية الصناعية دور رئيس في تنسيق العلاقة بين قطاع الأعمال وباقي مقومات الاقتصاد السعودي، من جهة والاقتصادات الدولية، من جهة أخرى.
ومن الأهمية بمكان التأكيد على إعادة النظر في التركيبة الحالية للغرف التجارية الصناعية من منتديات اقتصادية مبنية على أسس جغرافية (جدة، مكة المكرمة، المنطقة الشرقية، الرياض ... إلخ)، إلى منتديات اقتصادية مبنية على أسس مهنية (الإنشاءات، البتروكيماويات، الاستثمارات، الخدمات المالية... إلخ). ولنا في قضايا الإغراق الأخيرة على الصناعات النفطية والبتروكيماوية في الاتحاد الأوروبي والهند وأمريكا عبرة في تواضع مساهمة الغرف التجارية الصناعية في إنهائها.
السؤال الثالث الموجه لوزارة التجارة والصناعة: هل سنرى إعادة نظر في أسس الغرف التجارية الصناعية من منتديات جغرافية إلى مهنية؟
وضع القيود على صناعات الاستنزاف المائي، ودعم مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي، وتحوير أسس الغرف التجارية الصناعية. ثلاثة تساؤلات موجهة لوزارة التجارة والصناعة تم طرحها خلال العام الماضي أجدها مناسبة لإعادة نثرها مع أوراقها ونحن نستقبل ميزانية تاريخية تحمل البشائر والتفاؤل، ووزير تجارة وصناعة جديدا يحمل حماس الشباب، وعاماً جديداً يحمل التفاؤل، وتحديات جساماً في الاقتصاد السياسي تستوجب اليقظة.