رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


وطنية بن اليعايزر والقذافي

بعد أن تقررت محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك عبّر وزير حرب الكيان الصهيوني السابق بنيامين بن اليعايزر عن حزنه لهذه المحاكمة؛ لأنه كما يرى لا يستحق المحاكمة؛ نظرًا لوطنيته وإخلاصه في خدمة وطنه، والعمل على ترسيخ السلام في المنطقة، ويبدو أن مفهوم الوطنية عند ابن اليعايزر يختلف عن المفهوم الذي تعارف عليه الناس في العصور كافة، وجميع الأوطان، وقد يكون تعريفه منطلقًا من نوع الخدمات ومستواها التي يقدمها أي زعيم، ليس لوطنه الذي يحكمه، بل لإسرائيل، وهذا ما يجعل ابن اليعايزر يشعر بالحزن، فالخدمات التي قدمها مبارك للكيان لا تعد ولا تحصى ليس أقلها حصار غزة، ولا التواطؤ في الحرب على غزة، ولا إفشال القمم العربية، والسعي لتمرير السياسات التي تخدم الكيان الصهيوني.
بذاءة ابن اليعايزر امتدت للقدح في الشعب المصري النبيل، حيث وصفه بعدم الوفاء لرجل خدم مصر، وحرص على السلام في المنطقة والسلام بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني، وهذا مربط الفرس لابن اليعايزر وقادة الكيان الصهيوني، لكن الشعب المصري، وما يعانيه من فقر، وعوز، ونقص في الخدمات وطوابير لشراء الغاز الذي يصدر للكيان الصهيوني بأبخس الأسعار، كل هذا لا يهم لأن الأهم أن يعيش اليهود في فلسطين مرفهين آمنين.
القذافي بدوره سبق له أن امتدح مبارك وأثنى عليه إبان المظاهرات ضده، وانتقد محاكمته، ووصفه بالمخلص لشعبه، مستشهدًا على ذلك بأنه طلب منه مرات عدة أموالاً ليبني بها مصر. هذا الثناء من قبل القذافي وابن اليعايزر لا أدري هل هو توارد خواطر بالصدفة بين الرجلين أم أنه، وكما يقول المثل ''الطيور على أشباهها تقع''. في ظني أن كلا الأمرين صحيح، فمن يوجد بينهما قواسم مشتركة قد يحدث بينهما توارد خواطر حتى مع بعد المسافات طالما قربت المسافة النفسية.
حسن نصر الله من جانبه امتدح النظام السوري، ووصفه بالممانع، والمقاوم، ونظام الصمود، وعاب على السوريين التظاهر ضده، كما أن رئيس مجلس الأمن الوطني الإيراني هو الآخر امتدح النظام السوري واصفًا إياه بعبارات لا تقل عن عبارات حسن نصر الله، لكن الاثنين تنكرا للقتل والتدمير الذي يحدث في سورية، ولم يشيرا إليه لا من قريب ولا من بعيد، بل إنهما ركزا في أكثر من مناسبة على الأوضاع في البحرين رغم أنه لا مقارنة إطلاقًا بين ما يحدث في سورية من قتل يومي وتدمير مع ما حدث في البحرين الذي لا يعادل أحداث شارع واحد من شوارع مدينة حمص.
توقفت عند هذه الشهادات الأربع في مبارك ونظام الأسد، وتساءلت: هل هؤلاء يتحدثون بعواطفهم دون عقولهم، أم أن حديثهم مبني على استنتاجات عقلية يدعمها الواقع؟!
الواقع يقول إن مصر يوجد فيها ما يزيد على 40 في المائة تحت خط الفقر، إضافة إلى الفساد الإداري والاستبداد وخيانة القضايا العربية، كل هذا حدث في عهد مبارك، وأنا لا ألوم ابن اليعايزر، فهو يمدح شخصًا خدم إسرائيل على مدى سني حكمه التي امتدت 30 سنة، لكن الملوم هم المثقفون، أو من يوصفون كذلك الذين ساروا في طريق التطبيع، وروجوا له كثيرًا في كتاباتهم ومحاضراتهم. أما القذافي وحسن نصر الله ورئيس مجلس الأمن الوطني الإيراني فينطلقون من خلال حسابات ومصالح شخصية ومذهبية عميت عندها عيونهم وعقولهم، واستغفلوا أنفسهم قبل أن يستغفلوا من يستمع إليهم.
يبدو أن الوطنية تعرف بصورة تختلف عما هو متعارف عليه عالميًا من قبل ابن اليعايزر ومن قبل القذافي، فابن اليعايزر حبه لقومه يجعله ينظر إلى الأخطاء في حق الشعوب وطنية؛ لأنها في نهاية المطاف تصب في مصلحته ومصلحة كيانه، أما القذافي فتعريف الوطنية تؤكده الوقائع التي عاشها الليبيون طوال 42 عامًا، ورآها الناس في العالم بعد زوال نظامه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي