رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


كيفية تفعيل قرار وزارة المالية؟

إن النظر والتخطيط للمستقبل، يعتبر من أهم مؤشرات النجاح في أي مجال كان.. ونحن في هذه البلاد المباركة لم نغفل هذا الجانب بل على العكس، دائما هناك خطط مترابطة ونظرة مستقبلية وقرارات حكومية.. ولكنها تفتقد التطبيق على أرض الواقع في كثير من الأحيان.
عملنا بكل جد على تبني توطين الصناعة ومشترياتها، وحددنا أهداف ذلك، وسعينا إلى تحقيق تنمية مستدامة في ظل اقتصاد متين ومستقر ولله الحمد.. ولكننا نخالف الواقع في تحقيق هذا الهدف، عندما نسمع عن توقيع جهات حكومية أو الشركات الكبيرة لعقود بالمليارات مع شركات أجنبية، كالعقود التي توقعها شركات: سابك، أرامكو، ومعادن، وعقود تحلية المياه، شركة الكهرباء وآخرها ترسية المرحلة الثانية من مشروع قطار الحرمين السريع بتكلفة 30 مليار ريال تقريبا.. نجد بالفعل أن هذه العقود تكاد تخلو من توطين الصناعة أو الخدمات المتعلقة بها، وعلى العكس تقوم جميع الشركات الأجنبية المتعاقدة بجلب جميع احتياجاتها من الخارج، على الرغم من وجود الكثير من هذه المشتريات والخدمات المساندة داخل السعودية، حيث إن هناك عددا كبيرا جدا من السلع الصناعية التي يوجد تشابه كبير بين القدرة الإنتاجية للمملكة منها وحجم الطلب الاستيرادي المرتفع، وبالتالي توجد أهمية لتوجيه الطلب على الإنتاج المحلي منها لخلق قيمة مضافة محلية، وتنمية هذه الصناعات أو دعم وتبني وجودها.
الغريب في الأمر أنه عند الاستثمار في أي مشروع كان خارج السعودي، تجد كثيرا من اقتصادات العالم ومنها الهند والصين تشترط نسبة معينة من العقود للصناعة الوطنية أو للبدء في خلقها خلال فترة محددة، ويضعون كل الآليات والأنظمة واللوائح المفعلة لذلك. وعندما يحصلون على هذه العقود في بلادنا لا يجدون هذه الاشتراطات. حقيقة هذا استغراب يحتاج إلى توضيح.
وزير المالية إبراهيم العساف، مشكورا، لم يغفل هذا الجانب، وأكد أخيرا في تعميم أصدره ضرورة تطبيق قرار سابق بأحقية المنتج الوطني بسعر تفضيلي بنسبة 10 في المائة، حيث يسري ذلك على كل الوزارات والهيئات الحكومية وعلى الشركات التي تملك الدولة فيها أكثر من 51 في المائة، لكن من يطبق هذا القرار؟ ومن الذي يدعم ويتبنى الصناعة الوطنية من تلك الهيئات والشركات بكل ما تعنيه وليس بجزء فقط من مشترياتها فلو تتبعت معي عزيزي القارئ هذا المجال على المستوى الدولي لوجدت أن هناك دولا كثيرة اتجهت في الآونة الأخيرة إلى توطين الصناعة، وعلى رأسها أمريكا، التي تعد من أكثر بلدان العالم حرية في هذا المجال، إلا أنها أصبحت في الفترة الأخيرة تنادي بتوطين الصناعة لديها، وتجبر الشركات، سواء الأمريكية أو غيرها على استخدام وتشجيع المنتج المحلي، ما يدل على أهمية وضرورة هذه السياسية، خصوصا عند عدم استقرار الاقتصادات العالمية.. ونحن نمول الشركات المشتركة بنحو 50 في المائة من تكلفتها، ونوقع مع الشركات الأجنبية عقودا بالمليارات، ولا نشترط أي نسب في تلك العقود.
إنني في هذا الصدد آمل وأتمنى من جميع المسؤولين تطبيق قرار وزير المالية في أحقية المنتج الوطني بسعر تفضيلي، فهناك عديد من الصناعات داخل السعودية، التي يعمل بها سعوديون، أو شركات ممكن خلقها وتبنيها توظف شباب الوطن مما تحتاجه المشاريع السعودية على مختلف أنواعها، ولا نحتاجها من الخارج، ولكن تصطدم صناعاتنا بواقع مرير عندما نجد أن هذه الاحتياجات تأتي من الخارج، وهي متوافرة لدينا، حتى إن لم تكن متوافرة لدينا، لم لا نعمل على توطين صناعتها؟ ونحقق قيما مضافة إلى الاقتصاد الوطني، ومن ثم تحقيق أمن اقتصادي على المستويين المحلي والمستقبلي، أي أنه في حال وجود طارئ ـــ لا سمح الله ـــ، فإننا لا نحتاج إلى غيرنا، ولا تتوقف صناعاتنا، فخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـــ حفظه الله ـــ وفي أكثر من مقام، ومنطلق رؤيته المستقبلية الحكيمة، يؤكد دائما أن خيارنا الأول في تحقيق تنمية مستدامة واقتصاد متين ومستمر، هو الصناعة وتوطينها، حيث بذل وما زال يبذل جهودا جبارة في هذا المجال، حفظه الله ورعاه، وأبقاه ذخرا لهذا الوطن الغالي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي