رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التنقل بالهوية.. حضور الشكل وغياب المضمون

مواطن سافر بالسيارة إلى ثلاث دول خليجية اثنتان طبقتا نظام التنقل بالهوية مع السعودية والثالثة وهي الإمارات لم تطبق هذا النظام، يقول هذا المسافر إنه توقع اختلافا كبيرا في عمليتي الدخول والخروج للدول الخليجية المطبقة لنظام التنقل بالبطاقة وتلك التي لم تطبقه ولكن الوضع كان متشابها تماما في كل المراحل وإجراءاتها والوقت اللازم لإنهائها، ويتساءل هذا المواطن عن فائدة التنقل بالبطاقة إذا كان الأمر لا يختلف عن التنقل بالجواز خصوصا وأن الجوازات الجديدة مقروءة إلكترونيا كما هو وضع البطاقة تماما.
ويضيف هذا المواطن الذي مر بتجربة التنقل بالبطاقة بين دول مجلس التعاون عبر المنافذ البرية قائلا ''إنه إذا استثنينا عدم الحاجة لجواز ينتهي بفترة محددة ويتطلب إصداره رسوما واستثنينا إلغاء ختم الجواز فلا شيء تغير، فالوضع كما هو من جهة الوقوف في مسارات تطول وقت الزحمة لإنهاء إجراءات تسجيل السيارة ثم مسارات أخرى لإنهاء تسجيل الخروج أو الدخول في مكتب الجوازات، والحال والسرعة واحدة إذا كنت تحمل الهوية الوطنية أو جواز السفر لا فرق بتاتا''.
وأقول إن رواية هذا المواطن وغيره تؤكد أن التنقل بالهوية بين دول مجلس التعاون حضر شكلا وغاب مضمونا، نعم لقد كنا نحلم ونتوقع أن يلغي التنقل بالبطاقة خطوات وإجراءات التنقل بالجواز كافة، أي أننا كنا نتوقع تغيرا في مضمون طريقة الانتقال بين دول مجلس التعاون حيث كنا نتوقع عند تطبيق التنقل بالبطاقة أن نذهب بسياراتنا مباشرة لبوابة الخروج دون الحاجة لتسجيل خروجها على اعتبار أنها مسجلة رسميا في دولة خليجية ولا داعي لإعادة تسجيلها دخولا وخروجا هنا وهناك إذ إن لوحة السيارة تثبت مرجعيتها وبالتالي الرجوع لسجلها عند الحاجة، وعند بوابة الخروج كنا نتوقع أن يشاهد موظف الجوازات الهوية الوطنية ويسمح لنا بالخروج وفي أسوأ الأحوال كنا نتوقع أن يمرر موظف الجوازات البطاقة على جهاز قراءة إلكترونية للتأكد من صحة البطاقة وصحة بيانات حاملها ثم ننتقل للدولة الخليجية الأخرى لنذهب مباشرة لبوابة الدخول حيث يمرر الموظف هناك البطاقة على جهاز القراءة الإلكترونية ومن ثم الدخول.
وللمعلومية هناك من توقع أن يكون هناك مركز جوازات مشترك ينهي إجراءات البلدين معا في اللحظة نفسها، وهناك من توقع أن تلغى الجوازات والجمارك بالنسبة للمسافرين الأفراد وتوضع نقاط تفتيش فقط كما هو الحال عند التنقل بين الدول الأوروبية إذ إن مواطني المجلس وسياراتهم مقيدة في بلدانهم والاتفاقيات تغطي عملية التعامل معهم في حال إذا ما ارتكبوا أي مخالفات نظامية في أي بلد من بلدان مجلس التعاون، أيضا توقعنا أن اتفاقيات الوحدة الجمركية تلغي عمليات تفتيش البضائع بين دول مجلس التعاون.
قد يقول قائل إن تفتيش سيارات الأفراد ضروري لاختلاف الأنظمة في دول مجلس التعاون بشأن الكثير من المواد والمنتجات ومنها الخمور على سبيل المثال، وأقول إن المختلف بشأنه قليل جدا ويمكن تجاوزه ويمكن التشدد من هذه الناحية مع سيارات النقل التي يمكن أن تحمل كميات كبيرة تضر بالمجتمع، كذلك يمكننا الاسترشاد بتجربة إمارة دبي وإمارة الشارقة، حيث سهولة الحركة بينهما رغم اختلاف الأنظمة بشأن الخمور، وللمعلومية أيضا نحن نُحمٍل المواطنين الملتزمين بالأنظمة (وهم الأكثرية) الكثير من المعاناة خوفا من أن يأتي مواطن مخالف للأنظمة بشيء ممنوع رغم وجود الكثير من البدائل التي تمكن البلاد من السيطرة على المتاجرة بالخمور والمخدرات وتوزيعها، وللمعلومية فإنه عند الزحام كما هو الحال في الإجازات ينخفض مستوى التفتيش لدرجة يمكن أن يقال عنه إنه تفتيش صوري، وبالتالي يمكن إلغاؤه بالنسبة للمسافرين الأفراد لعدم جدواه.
وعلى كل لا يمكن لأي سبب كان أن يفرغ فكرة التنقل بالهوية من مضمونها لتصبح شكلا لا طعم ولا لون له، وبالتالي نتوقع من أمانة مجلس التعاون الخليجي أن تجد حلولا عاجلة لمعالجة الأسباب التي تحقق الهدف الرئيس من التنقل بالهوية والذي يجب أن يكون بنفس الصورة التي يتنقل بها الأفراد من منطقة إلى أخرى أو من مدينة إلى أخرى في بلدانهم، وهذا بالنسبة للأفراد ونتوقع أن يكون الحل مشابها مستقبلا بالنسبة لسيارات النقل، حيث نتوقع انتقال البضائع بين دول مجلس التعاون بكل سهولة ويسر كما لو كانت تنتقل في البلد نفسها، وبكل تأكيد تعاون كبير بين الأجهزة الأمنية في جميع دول مجلس التعاون سيحد بشكل كبير من استغلال تسهيل حركة الأفراد والبضائع لأهداف غير نظامية.
سيقول آخر وما العمل بالنسبة لمن سيدخل الخمور والمخدرات من المواطنين استغلالا لسهولة حركة السيارات بين دول مجلس التعاون دون تفتيش؟ والإجابة بكل سهولة يجب أن تأتي من قبل المعنيين في أجهزة مكافحة المخدرات والمشروبات الكحولية حيث يمكن التنسيق بين هذه الأجهزة لمكافحتها وحماية أفراد المجتمع وخصوصا الشباب منها ومن آثارها المدمرة، أيضا يجب أن تلعب وزارات التربية في المنطقة بتوعية الأطفال والشباب بالمخدرات والخمور وحرمتها وآثارها السلبية.
ختاما منظومة دول مجلس التعاون هي المنظومة السياسية الاقتصادية الأنجح في المنطقة العربية وحققت نجاحات كبيرة ونتوقع نحن مواطني المنطقة نجاحات أكبر وبوتيرة متسارعة تتناسب والمتغيرات العالمية خصوصا المتغيرات الاقتصادية والتقنية التي أعادت تشكيل الكثير من المفاهيم السائدة سابقا، وطموحنا كبير أن يتحول التنقل بالبطاقة من الشكل إلى المضمون قريبا بإذن الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي