رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


اليورو الأزمة .. وقلق اقتصاديات الدول الناشئة

يلتقي في كان في فرنسا خلال الفترة من الثالث إلى الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 قادة دول مجموعة العشرين للعام الثالث على التوالي، وللمرة السادسة منذ بدء انعقاد قمم مجموعة العشرين، وتحول المجموعة إلى المنتدى الرئيس لمناقشة قضايا الاقتصاد العالمي. ولقاء هذا العام يأتي بعد ثلاث سنوات من انطلاق شرارة الأزمة المالية العالمية بانهيار ليمان برذرز في منتصف أيلول (سبتمبر) من عام 2008، وفي ظل استمرار التأثيرات الكبيرة لهذه الأزمة على الاستقرار الاقتصادي العالمي، وفي ظل بروز أزمة جديدة أخرى في منطقة اليورو سيواجهها قادة دول مجموعة العشرين في اجتماعهم القادم. في تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2008 اجتمع قادة دول مجموعة العشرين لأول مرة في واشنطن لمواجهة تداعيات أزمة القطاع المالي الأمريكي على الاقتصاد العالمي، وفي تشرين الثاني (نوفمبر) من هذا العام 2011، سيكون هناك اجتماع آخر لمناقشة تداعيات أزمة الديون السيادية الأوروبية.
وعلى أجندة قادة دول مجموعة العشرين العديد من القضايا التي سيتم مناقشتها، خصوصا تلك المتعلقة بقضايا التنمية، وتعزيز الاستثمار في البنى التحتية، وقضايا الطاقة، والنظام النقدي الدولي. لكن الحيز الكبير من المناقشات سيكون لموضوع قضية الساعة، وهي أزمة الديون السيادية الأوروبية، التي أصبحت تهدد الاستقرار الاقتصادي العالمي، إن لم يتم التصدي لها بشكل حاسم وسريع. يتوقع أن تمارس الولايات المتحدة الأمريكية، ودول الاقتصادات الناشئة في دول مجموعة العشرين ضغوطا كبيرة على الأوروبيين للاتفاق على حل جذري للأزمة. الأمريكيون قلقون جدا من هذه الأزمة؛ لأنها تهدد النمو الاقتصادي الأمريكي، الذي يعاني تراجعا كبيرا، وارتفاعا في البطالة. وكلما قرب موعد الانتخابات الرئاسية، زادت الضغوط على الرئاسة الحالية للولايات المتحدة لإيجاد حل لهذه المشاكل، ومن ذلك خطة تحفيز الوظائف التي تقدم بها الرئيس الأمريكي للكونجرس أخيرا. لكن ما يعكر صفو التفاؤل المحيط بهذه الخطة من قبل الرئيس ومستشاريه، هو الوضع في القارة الأوروبية الذي أصبح تقدم ونجاح هذه الخطة مرهونا بحل جذري له.
البريطانيون أيضا وقعوا في حرج كبير، حيث إن رهان الخروج من الأزمة وإصلاح الاقتصاد البريطاني المتداعي جراء الأزمة كان أحد أسباب فوز رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. وتنفيذا لوعوده، فقد تبنى خطة تقشفية حادة تستهدف الحد من عجز الموازنة والدين العام، وكانت هذه الخطة واجهت معارضة وانتقادات كبيرة عند البدء بتطبيقها. اليوم نجاح هذه الخطة أصبح أيضا مرهونا بحل الأزمة في منطقة اليورو، وهو ما جعل الحكومة البريطانية تمارس المزيد من الضغوط على قادة منطقة اليورو لحل أزمتهم، لكي لا تمتد تداعياتها إلى الاقتصاد البريطاني، وتنذر بفشل خطة التقشف التي تبنتها الحكومة الحالية. الاقتصادات المتقدمة الأخرى كاليابان، تواجه صعوبات اقتصادية كبيرة نتيجة لآثار الزلزال والتسونامي الذي حدث في بداية العام الحالي؛ مما جعل الحكومة تتبنى برنامج إعمار يشكل نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي. وإذا ما تداعت أزمة منطقة اليورو إلى خارج حدود القارة الأوروبية، فإن ذلك سيشكل ضغطا كبيرا على مصادر التمويل اليابانية؛ نتيجة لتراجع النمو الاقتصادي، وتراجع عوائد الضرائب على إثر ذلك.
دول الاقتصادات الناشئة أيضا قلقة جدا من تداعيات أزمة منطقة اليورو، حيث إن النمو في هذه الاقتصادات وعملية خلق الوظائف مرتبط بشكل كبير بقطاع الصادرات، الذي يواجه تهديدا كبيرا بسبب الآثار المحتملة لأزمة منطقة اليورو على الطلب العالمي. وفي هذا الإطار، فإن تراجع الطلب العالمي قد يؤدي إلى التأثير على الطلب العالمي على النفط وعلى أسعاره في الأسواق العالمية؛ مما يجعل المملكة معنية كغيرها من دول مجموعة العشرين بحل جذري لأزمة الديون السيادية في منطقة اليورو. الجميع يترقب نتائج مهمة لقمة مجموعة العشرين القادمة، خصوصا ما يتعلق منها بالضغوط على دول منطقة اليورو للخروج بحل حاسم لأزمتهم قبل انتقال آثارها إلى الاقتصاد العالمي برمته. لذلك، لن تجد دول الاتحاد الأوروبي بدا من الالتزام بتعهداتها التي عقدتها على نفسها في قمتها التي عقدت في 21 تموز (يوليو) 2011. واستباقا لقمة مجموعة العشرين، فقد يكون هناك نتائج مهمة للاجتماع الأخير للقادة الأوروبيين المنعقد حال كتابة هذا المقال في بروكسل للخروج بهذا الحل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي