وفاءً لسلطان فلنُكمِل مسيرة التنمية الإدارية

تزخر مسيرة الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - بكثير من الإنجازات في أكثر من مضمار مهم وحيوي، ولقد أسهمت هذه الإنجازات في مجملها وبشكل كبير في حماية المملكة وتحقيق الأهداف التنموية ذات الأثر المباشر وغير المباشر على مستوى معيشة المواطن والمقيم في بلادنا العزيزة.
تحدث الكثير من الإخوة الإعلاميين والكتاب عن هذه الإنجازات في كل مضمار وأبرزوها وفاء وتقديرا لجهود الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - وهو حق فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، وبدوري أود أن أركز على مضمار غاية في الأهمية تصدى له الأمير سلطان - رحمه الله - وحقق إنجازات كبيرة فيه، ووفاءً لسموه أتمنى وأرجو أن نكمل مسيرته في هذا المضمار، وهو مضمار ''التنمية الإدارية''، ولا يخفى على كل ذي لب أهمية هذا المضمار كعنصر حاسم في تحقيق التنمية في مجالاتها كافة.
نعم، إن إكمال مسيرة الإنجازات لأي قائد هو من أفضل صور الوفاء له، ولنا في إكمال مسيرة الملك الموحد والمؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن - غفر الله له - مثال رائع لأبهى صور الوفاء، حيث جاهد أبناؤه البررة - وفقهم الله - ومن ورائهم المخلصون من أبناء الشعب السعودي لاستكمال مسيرة البناء، التي أطلقها الملك المؤسس بعد نجاحه في توحيد المملكة العربية السعودية وجمع شتاتها حتى وصلت بلادنا إلى ما وصلت إليه من نجاحات تنموية كبيرة جعلتها مثار إعجاب واستقطاب، وما منا من أحد إلا ويرفع يديه داعيا للملك عبد العزيز بالرحمة والمغفرة؛ لما ننعم به من نعم كثيرة بفضل من الله.. ثم جهود الملك عبد العزيز؛ ما يؤكد أن مواصلة مسيرة الناجحين وفاءً لهم فلولا بقاء إنجازاتهم وتطويرها لينعم الناس بفوائدها لما تذكروا من ورائها بخير.
وبكل تأكيد، فإن تحقيق طموحات الأمير سلطان - رحمه الله - في كل مضمار أنجز فيه الكثير وإكمال مسيرة الإنجاز هو من أبهى صور الوفاء لسموه، وهو ما نتطلع جميعا إلى تحقيقه، وأعتقد أن مضمار التنمية الإدارية الذي أنجز فيه الأمير سلطان الكثير، والذي نستفيد جميعا من آثاره الإيجابية مضمار أكثر من مهم لما له من انعكاسات حاسمة على ''فاعلية وكفاءة'' الأجهزة والهيئات الحكومية وبرامجها ومشاريعها التنموية والخدمية التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر وتؤثر في مستوى جودة معيشته، وكلنا يعلم أن الهدر في الميزانيات والجهود والوقت إنما يأتي من وراء ضعف الفاعلية والكفاءة اللتين تمثلان العنصرين الأهم في تقييم وتقويم أداء الأجهزة والهيئات والمؤسسات أيا كان نوعها.
لن أتحدث عن كل التطويرات التي تحققت إبان قيادة الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - لإعادة هيكلة الجهاز الحكومي عندما تبنت المملكة العربية السعودية التطوير والإصلاح الإداري، حيث كان لسموه - رحمه الله - دور فاعل في قيادة عدد كبير من برامج الإصلاح الإداري في المملكة، خصوصا بعد أن شكّلت اللجنة الوزارية للتنظيم الإداري برئاسة سموه - رحمه الله - وعضوية عدد من الوزراء في المملكة العربية السعودية في عام 1420هـ؛ بهدف تطوير الجهاز الحكومي وتحديثه والارتقاء بمستوى أدائه وترشيد تكلفته، وإعادة هيكلة أجهزة الدولة.
وسأنتقي قرارين استراتيجيين اتخذهما سموه - رحمه الله - أثناء رئاسته هذه اللجنة الوزارية من أصل 20 قرارا استراتيجيا، القرار الأول هو قرار إنشاء هيئة عامة للرقابة الغذائية والدوائية في المملكة تناط بها جميع المهمات الإجرائية والتنفيذية والرقابية التي تقوم بها الجهات القائمة حاليا لضمان سلامة الغذاء والدواء للإنسان والحيوان وسلامة المستحضرات الحيوية والكيماوية، وكذلك المنتجات الإلكترونية التي تمس صحة الإنسان، وهي مهمات ذات صلة مباشرة بصحة الإنسان وجودة حياته، وبالتالي فهي مهمات تمس حياة كل مواطن ومقيم، ولذلك نجد توصية الأمير سلطان - رحمه الله - للدكتور محمد الكنهل الرئيس التنفيذي للهيئة بالحرص على صحة الناس مهما كانت الأحوال، وأقول ورغم إنجازات الهيئة إلا أن المسيرة ما زالت طويلة وتتطلب جهودا فكرية وتنفيذية تختصر الزمن، فصحة الناس وحماية الأنفس من الغذاء والدواء الضار بسبب عدم مطابقته للمواصفات أمر لا يحتمل التأخير، ومن الوفاء للأمير سلطان أن نطور العمل والإنجاز.
والقرار الآخر هو قرار إنشاء مركز لقياس أداء الأجهزة الحكومية في معهد الإدارة العامة يسمى مركز قياس الأداء للأجهزة الحكومية، الذي يتولى قياس أداء الأجهزة الحكومية واستخراج مؤشرات أداء سنوية تعكس إنتاجها وأداءها وتكون من مهمات المركز قياس معدلات الإنتاج الحالية للأجهزة الحكومية وقياس معدلات التغير في إنتاجها وإجراء المقارنة بين أداء فروع الجهاز الحكومي الواحد من حيث الإنتاج والفاعلية وإعداد تقارير عن ذلك، وهو قرار متى ما تم تطبيقه بالشكل المنصوص عليه سيؤدي حتما إلى تطوير فاعلية وكفاءة الأجهزة الحكومية بشكل كبير بما ينعكس إيجابا على جودة حياة الإنسان بالمحصلة؛ لأن مؤشرات القياس كاشفة محفزة، فهي تكشف للجميع الأجهزة المقصرة التي تحتل المراكز الأخيرة وتحفزها لبذل الجهود للتحرك أماما، كما أنها مؤشرات مقدرة، حيث تبرز الناجحين وتضعهم في المراكز الأولى كقدوات لتحفيزهم لبذل المزيد من الجهود للمحافظة على هذه المراكز، ونتطلع إلى أن ينجح المعهد في تحقيق أهداف هذا القرار وفاء للأمير سلطان - رحمه الله -، فنجاح وفاعلية هذا القرار ستحقق التنمية الإدارية ومن ورائها التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستهدفة.
ختاما أقول: إن الموت حق (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)، والميت ينقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له، وكلنا نحن أبناء الشعب السعودي أبناء للأمير سلطان - رحمه الله - ندعو له الرحمن الرحيم بالرحمة والمغفرة والقبول، ونعمل وفاءً لسموه على تحقيق طموحاته في خدمة الشعب السعودي بتطوير ما حققه من إنجازات وما أطلقه من مشاريع وأعمال.. رحمه الله رحمة واسعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي