رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


سلطان المهام المتعددة.. مدرسة إدارة وجامعة اقتصاد

لم تكن صبيحة السبت الماضي بالصبيحة الطبيعية. استقامت فيه المركبات نحو وجهاتها اليومية المعتادة عندما انقطع البث الإذاعي ناقلاً إلينا تلاوات من الذكر الحكيم تتلى تباعاً. ثم أعلن المذياع عبر الأثير خبر وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام.
مصيبة فادحة وفاجعة عظيمة لا نملك حيالها إلا التسليم، والتدرع بالصبر والدعاء، والرضا بالقضاء والقدر، ومدارسة مآثره، طيب الله ثراه، التي تعلمنا منها الكثير في رحلة بناء دولتنا الحبيبة الفتية. مآثر ودروس من خلال مدارسة زاوية السمات الإدارية والحنكة الاقتصادية التي تعلمناها من مسيرته، طيب الله ثراه، في خدمة دينه ومليكه ووطنه.
يعد الأمير سلطان بن عبد العزيز، طيب الله ثراه، أول رئيس للحرس الملكي. كان ذلك خلال الفترة (1362هـ - 1366هـ) عندما عينه المؤسس، طيب الله ثراه، رئيساً للحرس الملكي ولتبدأ مسيرة نقلة نوعية في جهاز الحرس الملكي من نوعية الفرق العاملة الصغيرة إلى منظومة متكاملة تهدف إلى توفير الحماية والأمن للملك.
تولى بعد ذلك إمارة منطقة الرياض خلال الفترة (1366هـ -1373هـ). تميزت منطقة الرياض خلال تلك الفترة بمعاصرتها لتطورات جذرية مهمة في مسيرة البلاد. فهي مازالت مدينة قروية صغيرة على الرغم من تمركزها في النطاق الإقليمي والدولي كعاصمة سياسية حديثة. استلزمت هذه الأوضاع أن يكون وضع الخطوط العريضة والاستراتيجية لما يجب أن تكون عليه مدينة الرياض وعاصمتها على أعلى قائمة جدول أعمال الأمير سلطان. ثم بدأت بعد ذلك مشاريع التنفيذ بما يضمن تحقيق الأهداف، بعد عون الله تعالى، إلى واقع ملموس.
تولى الأمير سلطان بن عبد العزيز، طيب الله ثراه، بعد ذلك حقيبة الزراعة والمياه خلال الفترة (1373هـ - 1375هـ). حقيبة حديثة تحمل عددا ليس بالقليل، كماً وكيفاً، من التحديات الاستراتيجية التي تواجه قطاع الزراعة والمياه. يكمن مركز التحدي في منهجية تحول بلد تحتل الصحراء بأراضيها القفراء وشح مياهها إلى بلد زراعي خصب يكون قادرا، بعود عون الله تعالى، على دعم الأمن الغذائي والبيئي على المستويات المحلية، والإقليمية، والدولية. بدأت خلال تلك الفترة مشاريع إنشاء الأراضي الزراعية وتنفيذ قنوات الري في المناطق الزراعية مروراً بالمناطق الصحراوية. مشاريع عملاقة أسهمت في مد البلاد بالمحاصيل الزراعية والمياه.
واجت الدولة خلال مرحلة تأسيس مشاريع البنى التحتية في الخمسينيات الميلادية تحديات في آليات ربط مناطق المملكة الشاسعة ببعضها بما يضمن، بعون الله تعالى، تذليل عقبات تواصل السكان، والقرى، والمدن، والمناطق فيما بينهم. كمنت التحديات في طبيعة جغرافيا المملكة في احتوائها على نوعيات مختلفة من الخواص جبلية شاهقة كانت، أو ساحلية مرنة، أو صحراوية منبسطة.
وضع هذا التحدي ضمن قائمة مهام حقيبة حديثة سميت بوزارة المواصلات، وسلمت الحقيبة إلى الأمير سلطان بن عبد العزيز، طيب الله ثراه. تحديات جسام شهدت عمليات تذليل متواصلة خلال الفترة (1374هـ - 1380هـ) كان لها الأثر، بتوفيق من الله، في وجود شبكة الطرق التي نراها اليوم.
تولى الأمير سلطان بن عبد العزيز، طيب الله ثراه، حقيبة وزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامة منذ عام 1382هـ، فمسؤولية النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء من عام 1402هـ، ثم ولاية العهد والنائب الأول رئيس مجلس الوزراء عام 1426هـ.
لم تتوقف المسؤوليات عند الحقائب الوزارية بل تعدتها إلى رئاسة مجموعة من اللجان وفرق العمل القيادية. من الأمثلة على ذلك اللجنة العليا لسياسة التعليم، اللجنة العليا للإصلاح الإداري، مجلس القوى العامة، الهيئة العليا للدعوة الإسلامية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، مجلس إدارة مؤسسة الخطوط الجوية العربية السعودية، الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، اللجنة الوزارية للبيئة، مجلس إدارة المؤسسة العامة للصناعات الحربية، اللجنة العليا للتوازن الاقتصادي، الهيئة العليا للسياحة، الهيئة العامة للغذاء والدواء، ومجلس إدارة الهيئة العامة للمساحة.
رحلة كبيرة من المسؤوليات لم تسهم فقط في تحقيق إنجازات عظام للوطن الحبيب التي سيجني ثمارها لعقود قادمة، بعون الله تعالى وتوفيقه. وإنما أسهمت في دروس جمة في فنون الإدارة والحنكة الاقتصادية ستبقى لدينا ننهل منها مدرسة إدارية وجامعة اقتصادية. أسال الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يلهمنا جميعاً الاحتساب والصبر، وأن يعظم لنا المثوبة والأجر، وألا يرينا مكروهًا في عزيز لدينا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي