رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل أصبح أداء القيادات الصحية في المرافق متوازنًا؟

إن تسجيل الإنجازات في قطاع معقد كالقطاع الصحي لهو هدف يسعى إليه كل مسؤول في كل جهاز صحي. وإذا ما تم تحقيق أفضل المستويات في المؤشرات الصحية كنسبة التحصين ومعدل العمر الافتراضي ومعدل وفيات الأطفال ومعدلات الإصابة بالأمراض المعدية وغيرها، فهذا يعني أننا نسير في الطريق الصحيح، ويتحتم علينا النظر بعمق فيما بعد ذلك؛ ليستمر العطاء ونظفر بنظام صحي متكامل يوفر أقصى العناية بالصحة العامة لمجتمع يعيش نهضة غير مسبوقة ـــ ولله الحمد.
في الحقيقة عادة ما تكون الإمكانات المادية حافزًا ودافعًا لتحقيق المستحيل، ولكن طبيعة النفس البشرية تشعر بالفتور أو الخذلان أو الإحباط إذا ما كانت شديدة الحساسية في التعايش مع تقلبات الحياة. هذا ما يعكر أحيانًا صفو تحقيق هذه الإنجازات وينثر التساؤلات، وهي حقيقة واقعية لا غبار عليها. لقد لوحظ أنه ما زال هناك ما يدل على وجود فجوة كبيرة تحتاج إلى سد؛ حيث يغلق بعض المديرين أبوابهم عليهم ويهتم آخرون بصغائر الأمور دون أن يشعروا، وتنساق مجموعة وراء آراء المقربين والبطانة التائهة. كما ما زالت مجموعة من الممرضات حديثات التوظيف لم تتلق الدورات التعريفية بالعمل في المرفق، ومن ثَمَّ ليست بقادرة على تحديد الأولويات وتخطيط العمل اليومي والاستعداد لمواجهة غير المتوقع. أما الوقت فهو لدى بعض الممارسين الصحيين ما زال آخر عامل يهتم به لإنجاز أعماله، هذا لأنه لم يدرَّس في المناهج، كيف يقسم يومه في العمل وفي المنزل، ومتى يخصص الوقت للتفكير الإبداعي لإنجاز العمل الفني بطريقة أفضل وفي وقت أقصر؟
هنا يمكن القول: إن المسؤول القيادي بالمرفق الصحي (ذكرا أو أنثى) لم يهتم بالمتدربين في أثناء التدريب، ولا العاملين حديثي التوظيف. أعلم أن في السنوات الثلاث الماضية حضر الكثير من القيادات الصحية مؤتمرات وندوات ودورات وجلسات تشاورية، وطبقت بحضورهم الوسائل المتعارف عليها للتقييم والقياس. ولكن المشكلة قائمة مما يدل على أنها قد تكون ثقافة منتشرة في المجتمع تحتاج إلى تغيير.
قد يكون من المناسب أن تهتم الجهة بإعداد تقييم مهني وإداري للعاملين بمن فيهم المدير يكون نابعًا من الموظفين أنفسهم بعد فترة من التوجيه لتقنين وضع المقاييس والدرجات. هذا سيجعل الممارس إداريًا أو صحيًا ملتزمًا أمام ما وضعه لنفسه من محددات ومتطلبات وحوافز. لا شك أن علاج هذه الجزئية يمكن أن يتوافر في عدد من الكتب والمقالات العلمية، وقد تكون بعض الجهات الصحية قد بادرت إلى تسجيل وتخريج بعض الموظفين في دورات لإتقانها، ولكن للمشاركة الفاعلة يمكن اقتراح تقييم مبسط للمسؤولين من العاملين يقوم على محاور (على سبيل الاسترشاد) أهمها: (1) إظهار القدرات الشخصية: وفي هذه يكون قياس معرفته لشخصيته وإمكاناتها وكيفية تطوير ذاته وتوعيتها بما هو مكلف به وكيفية ضبط النفس. (2) تكوين شبكة عمل، حيث يعيش ويعمل في بيئة اجتماعية متعاملاً مع الآخرين بتكوين شبكة عمل وصداقات حوله، ويبذل بطواعية كل ما يمكن تقديمه لتأمين سلاسة تقديم الخدمة للجميع وسلامة المريض. (3) إدارة تقديم الخدمات، حيث يمكن قياس كيفية تخطيطه ليومه وأسبوعه وشهره، وما المصادر المعلوماتية بكافة أنواعها التي يعتمد عليها لاتخاذ قراراته؟ وكيفية إدارة المواقف الغريبة التي يتعرض لها وتكوين خبرة منها؟ (4) تطوير تقديم الخدمات: وفي هذه يكون قياس مدى سعيه وبذل جهوده في الإبداع سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى جميع المنسوبين. (5) وضع الأهداف والتوجهات: وفي هذه يكون (أ) قياس مدى تركيزه على العمل ومبادئه والأسلوب المشغل للخدمة ومدى الحاجة للتغيير أو الترقية لمستوى فاعل ومنظم. كما يمكن (ب) قياس مدى انعكاس قوته المعلوماتية وأسلوب عمله الإيجابي على المرفق بكامله، ثم وصوله وكيفية وصوله للقرارات المصيرية بالمرفق. وأخيرًا (ج) قياس مدى اهتمامه بالتقييم بعد التطبيق أو التنفيذ، مما يعكس تصورًا ملائمًا للوضع بعيدًا عن العواطف أو التأثيرات الخارجية... إلخ.
إن بالتقييم المبسط يمكن أن يستشعر المنسوبون أن هناك عملاً أكثر دقة في الأفق، وإذا لم يتم الالتزام برفع مستوى التعامل والأداء، فإن التقييم التالي سيكون قاسيًا جدًا. أعتقد أنه يمكن بذلك الحد من إهدار الوقت والكفاءات، واحتواء التكاليف وتقليص نسب الإحباط والغبن التي قد يشعر بها المنسوبون، في مناطق تقع تحت ضغط عمل متواصل كما يحدث خلال موسمي الحج والعمرة. كما أنها قد تلغي سوء استخدام الصلاحيات والممتلكات، وتكون عاملاً محفزًا لتطوير تقديم خدمات الرعاية الصحية، وهو ما تؤيده بعض الأوراق العلمية. من ناحية أخرى، ستمكن من إغلاق ملفات الأخطاء الطبية المفتوحة، ويجنب كل مرفق صحي فتح جديدة إلا فيما اعتبر فعلاً خطأً طبيًا، وهو نادر الحدوث.. والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي