الطب البيطري تخصص مطلوب في سوق العمل (2 من 2)
كما أن المستويات العلمية من حملة الماجستير والدكتوراة مطلوبة للحفاظ على كيان القطاع منظما ومؤديا لمتطلبات الهيكل في جميع جنباته العلمية والإدارية التخطيطية والتنفيذية. لكن في هذا المنحى ما زال الخريج أو الموظف مترددا في إعطاء نفسه فرصة التقدم لنيل الدرجات الأعلى، إضافة إلى أن تقدير جيد جدا في الجامعات يقف جدارا عاليا لإكمال الدراسة في هذا التخصص. وما بقي من حلول كان ضعيف التأثير لأسباب عدة لا يسع المجال لذكرها.
بسبب ذلك نحتاج إلى النظر إلى أبعاد أكثر تأثيرا في صناعة الثروة الحيوانية، فمثلا حسب موقع الجمعية وبعض المنتسبين للقطاع، هناك أكثر من عائق أمام الطبيب البيطري، ولا بد أن تعالج أو يقضى عليها لجعل الطريق أكثر أمنا وسلاسة. هذه العوائق هي:
(1) يعين الطبيب البيطري في نظام الخدمة المدنية على المرتبة الثامنة وينال الطبيب البيطري خلالها مكافأة راتب شهرين كل عام إلا أن هذا الحافز نتيجة ضعف الميزانية يحجب. فينتهي الأمر بالممارس أن يصبح موظفا اعتياديا وهو يحمل مسؤولية وأمانة تجاه مجتمع بأكمله صحيا، ويبذل جهدا في أماكن يأنف الكثير النزول لها.
(2) العاملون في المسالخ حسب اللائحة تقر لهم مكافأة 50 في المائة من الراتب الأساس إلا أن التجاهل أو الجهل أو التحجج بعدم وجود موارد مالية هي ما يواجهها الطبيب ومساعده والممرض والصيدلاني في الحقل البيطري. إن مثل هذه المكافأة ليست مقرة ليستمتع بها في العطل أو تكون بمنزلة زيادة على مستوى موظفين آخرين، إنما هي في الواقع لقاء ما يعانيه في طبيعة العمل من موقع وطريقة عمل ومخاطر لا حصر لها دون تأمين على صحته ولا شعور بالأمان الوظيفي.
(3) أغلبية خريجي الطب البيطري يتم استيعابهم عبر نظم البنود التي استحدثتها وزارة الزراعة أو الوزارات الأخرى كوزارة الشؤون البلدية والقروية متناسين أن هؤلاء هم عماد هذا العمل، وغير ذلك هو الاعتماد على العمالة الوافدة، ولا أعتقد أن هذا ما تسعى إليه الدولة أبدا.
(4) عدم وجود كادر أو موافقة على ضمهم إلى الكادر الصحي مع أنهم أكثر إلحاحا لضمهم من تخصصات أخرى، واعتبرت أولوية نظرا للجوائح التي نعانيها سنويا والمستوطنة منها في المملكة، إضافة إلى حاجتنا إلى تنظيم وتقنين تطبيق تعليمات الطب الوقائي بين وزارتي الصحة والزراعة. وما سلامة الحيوانات إلا من سلامة البيئة التي تعيش فيها والبشر الذين يديرون هذه المواقع والمسخر لهم باقي الكائنات في أنشطتهم المختلفة.
من ناحية أخرى، إذا أردنا أن يقوم الطبيب البيطري بدوره في حماية الثلاثي "الإنسان والبيئة وبالطبع الحيوان" فلا بد أن نعره اهتماما بالغا لما يقوم به من أعمال تعود منافعها على الإنسان صحيا واقتصاديا. وللتدليل على ذلك فهو (باختصار شديد) يقوم بـ:
(1) التشخيص المبكر للأمراض الحيوانية.
(2) وضع برامج التحصين ضد الأمراض الحيوانية المعدية وتحصينها. (3) رفع الكفاءة التناسلية للوصول إلى معدلات إنتاجية عالية.
(4) القيام بالعمليات الجراحية اللازمة.
(5) كما يعمل في المختبرات ومراكز الأمصال واللقاحات ومراكز البحوث لمحاولة إيجاد الحلول الكفيلة بخفض التكاليف بأنواعها المختلفة. أما من ناحية الحفاظ على حياة الإنسان فهو يشرف على: (المجازر للحماية من استهلاك اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمي، ومزارع الإنتاج الحيواني. كما يعمل في الموانئ لمنع دخول أي نوع من الحيوانات يكون مصابا بأمراض يمكن نقلها للإنسان. ويقوم بالاستخدام الأمثل للأدوية للحيوانات وتجنب استعمال الضارة بالإنسان إذا ما تناول لحومها أو منتجاتها من ألبان وبيض. توفير أهم مصادر البروتين من لحوم حمراء وبيضاء وألبان وبيض وغيرها بمتابعة تغذية الحيوانات بالشكل الصحيح. أما بيئياً فهو: يحرص على استخدام المبيدات الحشرية المصرح بها التي لا تلوث البيئية. المقنن لعمليات التخلص من النفايات والمخلفات الحيوانية وإرشاد أصحاب المصالح باتباع الطرق النموذجية. يحرص على تنفيذ الحجر البيطري في المحاجر المخصصة لذلك وفي المواقع المتوقع إصابتها وحسب كل حالة تستدعي ذلك.
واقعيا إذا ما أردنا أن نعرج على المعلومات المعضدة للاهتمام بالطبيب البيطري وأهميته في الطب الوقائي فإن مرض حمى القلاعية مثلاً، إذا ما أصاب القطيع أو مجموعة رعوية فإن ما لا يقل عن 50 في المائة منه سيصاب بالفيروس، ومن ثم ينفق، وبالتالي يتسبب في خسائر كبيرة على مستوى اقتصادي وصحي. يمكن القياس على ذلك بالنسبة للأمراض المعدية الممكن نقلها للإنسان وما يمكن أن تتركه من أثر في المجتمع وثرواته. حاليا ليست لدينا إحصائيات دقيقة لحجم آثار الأمراض المعدية على المستوى البشري والبيئي والمالي والإجرائي العملي لأننا لا نستقرئ حال المناطق بالتقنيات الفضائية المتاحة قبل حلول الوباء ومعرفة أيها الأكثر تضررا.
لذلك فنحن في حاجة ماسة إلى إيجاد مدار علمي مكون من مراكز بوظائف عدة. إضافة إلى ذلك زيادة كليات الطب البيطري كلية أخرى على أقل تقدير، وذلك لما تواجهه الثروة الحيوانية من تحديات في المملكة. قد يقترح أيضا القيام بدراسة متعمقة يقوم بها الشركاء الحقيقيون، ولا يمكن إغفال دور القطاع الخاص حيث يمكن أن يستفاد منه في برامج ومشاريع عديدة. أتوقع أن نخرج من الدراسة بنتائج منها حجم الحاجة لتعديل وضع الطبيب البيطري ماليا. إضافة إلى ذلك تحسين كبير في مواقع العمل من حيث السياسات والإجراءات. والله المستعان.