المشاركة في القرار .. وهيئة تنظيم الكهرباء
قال تعالى: "وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ".
إن مبدأ الشورى أو المشاركة في الرأي والقرار مبدأ إسلامي عظيم ركز عليه ديننا الحنيف، لما له من منافع جمة تعود بالنفع على الجميع، من خلال امتياز الشورى في الإسلام بالشمول، حيث لا يقتصر ذلك على حق الأفراد في المشاركة في القرار الملزم الصادر عن الجماعة، بل يتجاوز ذلك إلى المشورة الاختيارية واستشارة أهل الخبرة. هذا المبدأ أولته الحكومة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين والنائب الثاني - حفظهم الله - جميع سبل الدعم، إيمانا منهم بما له من أهمية وضرورة في حياة الإنسان، وما له من إسهامات كبيرة في عملية التنمية والتطور على مختلف الأصعدة.
ومن هذا المبدأ تأتي أهمية إتاحة الفرص للجميع للمشاركة في القرارات التي تصدر عن الجهات الحكومية أو الخاصة، وتمس شرائح مختلفة من المجتمع، سواء كانوا على شكل أفراد أو جماعات، إذ تكمن ضرورة إتاحة الفرصة في المشاركة من خلال إبداء الرأي في أي قرار يصدر من تلك القرارات، في توسيع الدور الذي يقوم به المستفيدون من المواطنين والمؤسسات والشركات في عملية اتخاذ القرار، عن طريق الأخذ بالاقتراحات والتوصيات والآراء الفردية والجماعية للمستفيدين، وبالتالي الوصول إلى القرارات الأكثر صحة وفاعلية وأبعد عن الخطأ. ودأب على تطبيق هذا الجانب عدد من الجهات كان في مقدمتها هيئة الاتصالات السعودية من خلال فتحها المجال للعموم للمشاركة في بعض القرارات التي تصدرها، وها نحن اليوم نرى هيئة تنظيم الكهرباء تعلن طلب مرئيات العموم حول مسودة نموذج اتفاقية إيصال الخدمة الكهربائية على جهد التوزيع، ومسودة اتفاقية استهلاك الطاقة الكهربائية، ومسودة وثيقة ضوابط بفصل الخدمة الكهربائية، هذا الطلب من العموم بإبداء الرأي يتيح للهيئة اكتشاف بعض النقاط التي قد تكون غائبة عنها، كما أنه يعمل على عدم مفاجأة المستفيد مستقبلا بقرارات جديدة اتخذتها الهيئة، كذلك هناك وزارة التعليم العالي عندما طلبت عبر موقعها الإلكتروني من أصحاب الخبرة والمصلحة المشاركة وإبداء الرأي في قراراتها المهمة وسياساتها المستقبلية، وذلك إدراكا منها لطبيعة العمل الإنساني وما قد يشوبه من خطأ أو نقصان، معتبرة هذه المشاركة، فرصة لقياس مدى ملاءمة قراراتها لأصحاب الشأن، ومراجعة سياساتها وتعديلها وإزالة ما قد يشوبها من قصور قبل اعتمادها وتطبيقها، كما تُيَسِّر لها الاستفادة من آراء كفاءات قد لا يتيسر لها الاستفادة منها بالطرق التقليدية.
إننا نتطلع جميعا من خلال مبادرات بعض جهاتنا الحكومية في إبداء الرأي وأخذ المشورة، إلى أن تحذو جميع الجهات الحكومية الأخرى هذا الحذو، وتركز في توجهات عملها على ترسيخ آلية التواصل والتفاعل مع المواطنين والاستماع إلى آرائهم، إلى جانب تعزيز مشاركة الجميع في صنع القرار، وبالتالي توظيف جميع الطاقات والموارد البشرية العامة في خدمة القرار المراد طرحه، ومن ثم إغلاق الفجوة بين المواطن والمؤسسات الحكومية بإيجاد قنوات للتواصل بينها وبين المواطنين تعمل باتجاهين لملء الفجوة وكسب ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، وفي نهاية المطاف نجد أن هذه الجهة أو تلك قد قامت بدورها المنوط بها من خدمة المواطنين، من خلال ترشيد القرار الحكومي فيما يحقق المصلحة الأكبر للمواطن، وجعله في موقع المسؤولية المشتركة مع الجهات الرسمية، الأمر الذي سيزيد بدوره من مستوى الوعي والمبادرة لدى الجميع، حفظ الله الوطن وأدام أمنه وأمانه.