رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أين تنتهي مساعداتنا؟

مع النظرة الشمولية للعالم ودوله يجد المرء تنوعاً في المصادر الاقتصادية، فدول توجد فيها معادن نفيسه كالذهب والفضة، والألماس، ودول أخرى توجد فيها ثروات مائية هائلة، وهذا بدوره يوجد فرصاً قوية لثروة زراعية وحيوانية تمكن أهلها من الاكتفاء الذاتي باحتياجاتها المعيشية الأساسية، كما أن دولاً أخرى توجد فيها ثروات نفطية، كما هو الحال في دول ''أوبك''، وغيرها من الدول المنتجة للنفط، التي استفادت من هذه الثروة الثمينة في تنمية مجتمعاتها ومرافقها وبناها التحتية. وقد كان لدول الخليج العربي نصيب من ثروة النفط التي استفادت منها هذه الدول في بناء مجتمعاتها والتوسع في الخدمات التعليمية والصحية، والمياه والكهرباء والاحتياجات الحياتية الأخرى كافة.
وكان لثروة النفط التي أنعم الله بها على الدول النفطية دور لهذه الدول في السياسة على الصعيد العالمي، حيث دفع بهذه الدول إلى الواجهة، لكن في قضايا محدودة، وليس كل القضايا الدولية، والمتأمل في واقع دول الخليج العربي يؤكد حقيقة خروج هذه الدول من عزلتها التي كانت عليها قبل اكتشاف النفط، فهذه الثروة مكنت هذه الدول من التواصل مع العالم الخارجي وتوسيع دائرة علاقاتها، إضافة إلى زيادة نشاطها السياسي والثقافي والاقتصادي على المستوى العالمي. وفي حالات كثيرة نجد دول الخليج سباقة إلى مد يد العون للدول التي تتعرض لكوارث طبيعية أو حروب، حيث دعمت دول الخليج دولاً عدة مثل إندونيسيا حين ضربها تسونامي، كما دعمت باكستان بعد تعرضها للزلزال المدمر، إضافة إلى دعم أفغانستان، التي تتعرض لحرب مستمرة منذ سنين عديدة، وامتد خير دول الخليج لشعوب ودول عدة على مستوى العالم أجمع، حيث إن دول الخليج سارعت لدعم الولايات المتحدة حين دمر الإعصار كاترينا مصافي النفط وشرد كثيرا من ساكني لويزيانا.
وآخر ما قرأت بشأن المساعدات هو ما قدمته المملكة لسريلانكا، حيث أقامت مدينة مكونة من 500 وحدة سكنية ومسجد ومدرسة أولاد ومدرسة بنات، إضافة إلى الخدمات كافة، وإذا كان دعم دول الخليج يمتد إلى مسافات بعيدة على مستوى العالم إلا أنه يعطي بسخاء للدول العربية، خاصة الدول الأقل في ثرواتها الطبيعية كما الحال في اليمن ومصر ودول عربية وإسلامية أخرى. دعم دول النفط، وبالأخص دول الخليج، الدول المحتاجة يجيء استجابة لحاجة هذه الدول، ولشعورها بدورها الإنساني ليس في محيطها العربي والإسلامي فقط، وليس في محيطها الجغرافي، بل على مستوى العالم أجمع، لكن في أكثر من مناسبة وحالة لاحظت أن مشاركة هذه الدول في الأعمال الإغاثية أو في أعمال إعادة البناء للدول التي تتعرض للكوارث أو الحروب يتم اختطافه من قبل دول أخرى كبيرة، كالولايات المتحدة والدول الأوروبية، خاصة بريطانيا وفرنسا، حيث تدعو هذه الدول إلى مؤتمر يطلق عليه مؤتمر إغاثة، أو مؤتمر إعادة الإعمار كما حدث في مؤتمر لندن لإعادة إعمار العراق، أو إعادة إعمار أفغانستان، حيث تكون الدول الغربية في الواجهة في حين يكون دور الدول الأخرى المشاركة في المؤتمر دوراً ثانوياً في التنظيم والترتيب لهذه المؤتمرات، وينحصر دور هذه الدول في المشاركة المالية، وهذا يفقدها القيمة المترتبة على هذه المساعدات، حيث تذهب هذه القيمة إلى الدول المنظمة أو الدولة المستضيفة للمؤتمر.
الدول المحتاجة إلى المساعدة توقعات أبنائها وحكوماتها كبيرة من الدول المانحة، وكأن الدول المانحة لا توجد فيها شعوب، ولا توجد فيها مشاريع تنمية وخدمات، وكأن ثروات الدول المانحة ملك للآخرين. عندما أتحدث لبعض مواطني مثل هذه الدول ألمس لديهم عتباً على دول الخليج، وكأن هذه الدول مسؤولة عن إصلاح العالم، ومعالجة مشكلاته حتى لو كانت هذه المشكلات بفعل أبناء الوطن ذاته نتيجة اقتتال داخلي أو نتيجة فساد إداري يوجد في البلد بسبب تركيبة نظام الحكم الموجود.
وبهدف الجمع بين مساعدة الشعوب المحتاجة، واستفادة الدول المانحة من مساعداتها استفادة معنوية وسياسية أقترح أن نفكر في آلية تنظم مثل هذه المساعدات وتحولها إلى مساعدات خدمية على شكل مشاريع يستفيد منها جميع الشعب كمدرسة، أو في دفع أموال مباشرة أو مشروع مياه أو مشروع طريق.
إن دفع أموال مباشرة للحكومات يفقدها قيمتها، لأن هذه الأموال تضيع في دهاليز البيروقراطية والفساد الإداري الذي ينتهي بهذه الأموال إلى جيوب وحسابات مسؤولي تلك الدول، ولا تجد الشعوب أثراً لهذه المساعدات المالية. إن تحويل المساعدات إلى مساعدات على شكل مشاريع يكسبنا تقدير جماهير تلك الدول لأن البقاء للشعوب والجماهير وليس لأنظمة فاسدة مصيرها الزوال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي