قاروب يدك والحار!
ماجد قاروب اسم لمع وطلع للعالي حتى أصبح في خلال فترة يسيرة جداً ذا صولة وجولة؛ فاللجنة القانونية اكتسبت معه حدة وشدة لا تلين حتى وإن صرخ خالد أبو راشد بأعلى صوته وأصدر البيان تلو البيان، فالنتيجة أنت يا أبو راشد على خطأ وعلى المتضرر اللجوء للقضاء ولكن لابد من أخذ الموافقة من ماجد قاروب قبل ذلك وفق شروطه طبعاً.
ويبدو أن المحامي الضليع بدهاليز المحاماة وخباياها كما عرف عنه استطاع بعد دخوله المجال الرياضي كيف يتعامل مع أطرافه جيداً، فهو منع أن يصدر أي تعليق أو نقاش حول أي قضية تتناولها لجنته لكنه بالمقابل يمتلك الحق في أن يتحدث وقتما شاء وفي أي مكان يختار بينما هو قد حرم الآخرين من ذلك، واستخدم ما كفله له النظام في أن يستصدر العقوبة ضد مخالفيه بينما لا توجد جهة رقابية يمكن أن يلجأ إليها الطرف الآخر، فالخصم هو الحكم وكأنه بذلك يجسد بيت أبي الطيب الشهير:
يا أعدل الناس إلا في معاملتي
فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
اعتراني ذهول كبير وأنا أتابع ما يكتب في إحدى الصحف ويتم من خلاله إظهار جميع المستندات التي تخص قضية الوحدة وتذكرت حينها معنى "الحشر في الزاوية"، وهو مصطلح ارتبط بوصف أحداث المصارعة الحرة لا المقيدة، فهل انهار سد مأرب أرشيف الاتحاد السعودي كي نجد مثل هذا الكم من الوثائق قد نشرت، في حين أن الطرف الآخر غيب صوته فظهرت الصورة ناقصة وفقد المثلث أحد أضلاعه ولم يعد قائم الزاوية.
وفي خضم بحر الخلافات المتلاطم أتى ذكر الرجل المحنك الخبير صاحب الخبرة والدراية الدكتور صالح بن ناصر رئيس لجنة الاحتراف ولأن المعروف لا يعرف، فالخبير الذي عاصر الرياضة فترة طويلة والذي لا يرضى الخطأ ولم يعرف عنه سوى القوة والصرامة والشدة مع من يرى أنه تجاوز الحد وأسرف في الخُطى غير المدروسة وجد اسمه فجأة وبدون مقدمة في قضية نادي الوحدة نادي مكة المكرمة مدينته التي تربى فيها وله فيها أهل وعزوة وطيب معشر، فلماذا ذكر ابن ناصر بالتحديد ولم يأت ذكر رؤساء اللجان التي من الممكن أن يكون لها علاقة بالقضية، فالتحكيم أو الفنية ممكن أن يقبل تدخلها في القضية، أما لجنة الاحتراف فلا يمكن هذا إلا إذا كانت الوحدة ستوقع عقدا احترافيا في المحكمة!.
فكل شيء جائز، المهم أن ابن ناصر الذي هدد بإحالة عادل البطي للتحقيق على الهواء مباشرة ـ والبطي حينها رئيس لجنة أي زميل عمل ـ لم يتركها لقاروب بل رد مباشرة بكلمة كبيرة من رجل كبير "هداك الله"، ولأن الحكمة ضالة المؤمن فيجب أن تعيها أذن واعية أو من ألقى السمع وهو شهيد فلا يعد لتكرارها مرةً أخرى.
"فمش كل الطير يتآكل لحمه"، وأنت سيد العارفين يا دكتور ... فإذا غضب عليك الدكتور عليك أن تراجع حفظك لشعر جرير جيداً ففيه حكمة وفي الحكمة سلامة والسلامة مغنم، فالخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه روي عنه قوله "علموا أولادكم السباحة والفروسية، وروّوهم ما سار من المَثَل وحسٌن من الشعر"، لأنه رضي الله عنه يعرف مدى حاجتنا للحكمة التي تفيد في النهار الأسود حين لا ينفع حيل ولا حيلة، ولا يمكن الاستعانة بصديق، وعلى ذكر الصديق فالمؤتمر الذي عقده الدكتور قاروب في جدة كان به عدد الأصدقاء وصل صوتهم وترك لهم حرية الحديث بينما الآخرون ذكروا معاناتهم من التشويش فلم يصل الصوت واضحاً فلذلك لم تصل الإجابة التي تشفي غليل السؤال الذي يكاد يموت عطشاً وهو بجانب الماء.
فماذا يا ترى بعد الصدام بين الدكتور الخبير والخبير الذي أتى يتعلم كي يعمل وفق ما قاله في أحد حواراته، ولكن لأن الحق أبلج فإن المتعلم غالباً ما يتفوق على أستاذه, وليس بشرط أن يعلمه الرماية كل يوم، وعلى طريق اصطدام اللجان نلتقي في ظل غياب تام للتنسيق ويبقى السؤال الحاضر وبقوة, هل يستمر الصدام أم أن الصلح خير في شهر الرحمة والغفران والعتق من النيران؟.
رحم الله عبد الرحمن بن سعيد وألهم ذويه الصبر والسلوان، والعزاء موصول لرياضتنا التي فقدت رجلا قدم الكثير وكان له دور كبير في تأسيس أكثر من ناد وله أكثر من بصمة فهل نرى تكريماً يليق بما قدمه من جهد وتعب سواء عن طريق إدارة الزعيم أو عن طريق الاتحاد السعودي لكرة القدم؟.
الخاتمة
من الحكمة قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:
إن الأمور التي باللوح قد كتبت
إن أتتك يا فتى ولا فأنت تأتيها
وإن الأمور التي تخشى عواقبها
إن السلامة منها ترك ما فيها