الملك.. خادم الفضيلتين
■ مُنح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز جائزة وطنية سعودية ترعاها مؤسسة مجتمع مدني مستقلة، (جائزة السعفة للشفافية والنزاهة)، هو تقدير وطني للملك عبد الله - حفظه الله - مقابل الجهود الكبيرة التي يرعاها شخصياً لتكريس المؤسسات التي ترعى النزاهة والشفافية ومحاربة الفساد.
الآن ما يؤسسه الملك عبد الله، بحول الله، سوف تتجاوز آثاره الإيجابية العظيمة الحاضر .. إلى مستقبل بلادنا. جميعا يهمنا أن نضع الآن القواعد السليمة التي تحفظ للأجيال القادمة وطناً مستقراً ترعى مؤسساته الوطنية السيادية قيم: العدالة والنزاهة والشفافية.
في مجتمعنا، وفي قياداتنا، وفينا، وفي أرضنا الخير الكثير الذي يهيئ كل المقومات للبناء المستمر والمحافظة على المكتسبات التي يحتاج إليها مستقبلنا، وأهم ما نحتاج إليه هو أن نستثمر قوتنا وإرادتنا السياسية والشعبية وثرواتنا لوضع الأسس التي تجعل بلادنا يقظة وحذرة ومستعدة ومتماسكة أمام مفاجآت الأيام وتقلبات الأحوال، ولا شك أن الشفافية والنزاهة، في القول والعمل وفي كل تفاعلاتنا، هي إحدى الضمانات الأساسية الكبيرة لاستقرار بلادنا.
الشفافية مبدأ عظيم، إنها نزعة أخلاقية تتجاوز التطبيق الكامل للأنظمة، إنها دافع أخلاقي يحث على كشف وتقديم ما لا تصل إليه الأنظمة أو لا تطالب به، إنها مبادرة تنبع من ذات الفرد وضميره ومن قيم المؤسسة لتقديم الحقائق والمعلومات قبل أو من دون أن تطلب .. هكذا هي الشفافية، وهي التي تقود إلى النزاهة، إنها: الجهاد الأكبر للنفس!
وهذه النزعة الأخلاقية العظيمة التي ترقى إلى الجهاد الأكبر، تحتاج إلى النضال السلمي الكبير للوصول إليها، تحتاج إلى جهود المؤسسات التي ترعاها كمبدأ، ثم تسعى عبر برامجها للتوعية بها لتكون ممارسة ثم ثقافة متأصلة توجه السلوك بطريقة تلقائية تنبع من الضمير الحي .. وهذا ما يسعى إليه الملك عبد الله عندما قرر ألا يكون خادم البيتين فقط، بل: (خادم الفضيلتين، الشفافية والنزاهة).
الملك عبد الله أطلق الأنظمة والمؤسسات التي ترعى العدالة والنزاهة .. أسس هيئة لمكافحة الفساد ثم قال لرئيسها: (أنت ترتبط بي شخصياً .. بقوة النظام وإرادة الدولة، لا حاجب يحول بيني وبينك، لأجل أن تبقى بلادنا بعيدة عن منزلقات الفساد)، إن جائزة الشفافية والنزاهة هي أقل ما يقدم بحق الملك عبد الله، ولكنها كما جاء في بيان لجنة منح الجائزة، هي دعم للجهود الكبيرة التي يبذلها الملك عبد الله لتكريس النزاهة عبر المؤسسات الوطنية المستقلة، والمسار إلى ذلك طويل دون شك، لذلك دعت اللجنة (أن يوفق الله خادم الحرمين الشريفين ويمد في عمره لمواصلة هذا النهج، حيث إن الطريق لا يزال طويلاً لتطبيق ونشر هذه القيم ''أي الشفافية والنزاهة'' وتحقيق الأهداف المرجوة).
نعم .. الطريق طويل للوصول إلى هذه القيم العظيمة، ولن تأتي أو تمر بسهولة، ولكنها ضرورية وحاسمة، فلا يحفظ الدول ويبعد المجتمعات عن القلاقل والحروب إلا تكريس قيم العدالة الاجتماعية والسياسية ومحاربة الفساد .. ونحن الآن نرى كيف أن الفساد يجرُّ الدول الكبرى إلى مستنقع الأزمات والاضطرابات، وهي الدول التي لديها الإمكانات الاقتصادية الكبيرة ولديها المنجزات العلمية العظيمة ولديها المؤسسات الديمقراطية العريقة، ولكن تكالب النخب على المصالح والثراء غير المشروع هو الذي يقودها إلى السقوط المؤسف!