رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


اغتيال الكرامة!

■ لماذا الربيع في العالم العربي.. أو حتى في غيره من بقاع الأرض التي تمور بالأحداث؟
لماذا تخرج الناس للشوارع بصدور عارية..
إنها الكرامة.. فالناس تخرج لتبحث عن ذاتها، فلكل نفس حقها الإنساني كما أراده الله، سبحانه وتعالى، ولكل أجل كتاب.. هذه سنة الله في خلقه، ولكن ذهنية الدكتاتور تفهم الأمور بالعكس، أنها حالة فرعون (لا أريكم إلا ما أرى).
الذين تغريهم السلطة وتمدهم في غيهم، هؤلاء لا يفهمون ماذا يعني أن يكون للناس كرامة، ولماذا يكون للناس الحق أن يعيشوا كبشر وليس كحيوانات تسعى في رزقها وليس لها أكثر من ذلك!
الآن لدينا الحالة الصارخة في سوريا.. النظام وعصابته الطائفية يعتقدون أن لهم الحق الإلهي الذي يجعلهم فوق الشرائع والأعراف وحقوق الناس في الكرامة.
الذهنية الهمجية للنظام السوري التي حكمت وتحكمت في أنفاس الناس لأكثر من أربعة عقود لم تطق أو تتصور أن للناس كرامة، وأنه سيأتي اليوم الذي يثور فيه الناس لاسترجاع كرامتهم المسلوبة. ذهنية العصابة الحاكمة في سوريا لن تفهم أية لغة حضارية إنسانية للحوار والتعاطي مع الحقوق والواجبات، والعالم الآن يضيِّع الوقت والجهد، فقد ضحى الشعب السوري كثيرا، فبعد أن ظلوا يعاملون كالحيوانات من قبل العصابة الأمنية التي تدير الدولة ليس أمامهم الآن إلا البحث عن الخلاص من هذا السجن الكبير!
يمكن للناس أن تتعايش مع الظروف الصعبة للحياة، تتحمل الفقر والعوز، لكن لا تحتمل أن تعيش مسلوبة الإرادة والكرامة، فإذا كانت كرامات الناس مصانة ولا يعتدى عليها، فالناس في الظروف النفسية والاجتماعية المريحة تستطيع أن تتكاتف وتتعاون وتتعايش مع أوضاعها الصعبة، المهم أن تشعر بالعدالة الاجتماعية والسياسية، وأن حالات الفقر وصعوبة الحياة ليست حالة خاصة مصدرة إلى فئة دون أخرى.
الشعب السوري الآن يثور بكل فئاته الفقيرة والميسورة، ليس لأنه يواجه حالة جوع، يثور لأنه جائع إلى الكرامة، ففي الـ 40 سنة الماضية أسس النظام البعثي الطائفي شرعيته على الإرهاب النفسي والاجتماعي والفكري المنظم لاغتيال شخصية الشعب، والنظم القمعية تمارس هذه الآلية لإلغاء البعد الإنساني والأخلاقي.
طبعا هذه آلية قد تنفع لسنوات محدودة. للسيطرة والتحكم في حياة الناس إلا أنها تفقد تأثيرها عندما تصل إلى المنطقة الحمراء.. منطقة الكرامة، هنا تصل الناس إلى المنطقة التي تلتقي فيها حسابات الموت والحياة، فإذا الإنسان وجد أن لا شيء بقي ليخسره في الحياة، هنا يثور لإنقاذ كرامته، فهي الملاذ الأخير لأن يعيش أو: يموت بسلام!
هذا الكلام ليس جديدا، إنها سنة الله في خلقه، والله ـــ سبحانه وتعالى ـــ يداول الأيام بين الناس حتى يجدد الحياة لحكمة يراها (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) ، أنه سبحانه لا يعطي فرصة لاستمرار العدوان على الحياة ومنع العبادة في الأرض.
في سوريا النظام عميت بصيرته ولم يعد قادرا على استرجاع الأحوال والدروس فما يحدث مع الأسد حدث مع صدام، فالطغاة لا يرون، إنها حالة فرعون، لا أريكم إلا ما أرى، وفرعون قال لقومه أيضا أنا أهديكم سبيل الرشاد.
الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: (ما أكثر العبر وما أقل الاعتبار).

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي