جدة: السوق العتيق يحتفظ بمكانته ورواده رغم منافسة المولات الحديثة

جدة: السوق العتيق يحتفظ بمكانته ورواده رغم منافسة المولات الحديثة

على الرغم من كل مظاهر الحضارة والتمدن التي تشهدها مدينة جدة، وافتتاح عشرات المولات والأسواق الجديدة والحديثة المزودة بكافة وسائل التقنية والتكنولوجيا المبهرة، إلا أن سوق البدو العتيق الواقع في باب مكة بمنطقة البلد لا يزال يحافظ على مكانته وزبائنه الدائمين منذ نشأته.
وتشهد السوق التي اشتهرت قديماً ببيع الحبوب والسمن والحبال واحتياجات الخيام، إلى جانب المواد الغذائية والسكر والشاي والأرز، حركة شرائية قوية طوال أيام السنة وخصوصاً في موسمي الإجازة الصيفية ورمضان.
"سمي بسوق البدو لأنه كان الوحيد الذي يأتي إليه سكان البادية لقضاء احتياجاتهم من الملابس والأقمشة بالإضافة إلى بيع بعض المنتجات الريفية التي يجلبونها معهم". بحسب أبو عمر أحد المستثمرين في السوق.
ويشير أبو عمر الذي يعيش عقده السادس وبدأ الاستثمار في سوق البدو منذ أربعين عاماً أن السوق لا يزال يحتفظ بمكانته ورونقه المعهود رغم كل مظاهر التمدن في مدينة جدة العاصمة الاقتصادية والتجارية للمملكة. ويضيف "يعتبر السوق مباركاً، فرغم افتتاح عشرات المولات والأسواق التجارية الحديثة في جدة المجهزة بأحدث تكنولوجيا العصر، إلا أننا في سوق البدو لم نلحظ تغيراً أو تأثيراً على الحركة الشرائية وقدوم الزبائن".
ويدلل أبو عمر على حديثه بأن معظم الزبائن للسوق يأتون من خارج جدة، سواء مكة المكرمة، أو العاصمة الرياض وحتى بعض الدول الخليجية التي يحرص بعض مواطنيها على زيارة هذه السوق الشهيرة. ويشير أبو عمر الذي يبيع أدوات الخياطة إلى أن من أقدم البيوت التجارية التي بدأت في سوق البدو بيت باطهف، وبيت باقيس، متابعاً "معظم الجيل المؤسس رحلوا عن الدنيا، ومعظم الموجودين في المحال هم الجيل الثاني أو حتى الثالث".
يضيف "كما تعلمون حدثت تغيرات كثيرة على أسلوب الحياة في الفترة الأخيرة، أصبح السوق تعمل بشكل جيد على مدار العام وليس في المواسم فقط، رغم ذلك لا يزال رمضان وإجازة الصيف يشكلان استثناء حيث تنتعش الحركة التجارية ويأتينا الزبائن بشكل أكبر".
وعن المنافسة بين التجار والفرق بين الأمس واليوم، يؤكد أبو عمر أن هنالك اختلافاً كبيراً بلا شك في أسلوب التعامل والمعاملة، يقول "كانت المحبة بين تجار السوق قديماً تتجلى في أبهى صورها، بحيث إذا جاء زبون لمحل أحدهم وجاره لم يبع شيئاً بعد، يقوم بتحويل هذا الزبون لجاره حتى يستفتح، هل يمكننا رؤية ذلك اليوم!".
وتتميز السوق على الرغم من تنظيمه البدائي عن بقية الأسواق الشعبية ببضاعته التي تحمل طابع البداوة ومع بعض التغيرات التي طرأت عليه فما زالت البضائع نفسها تباع ولم تعد بضائع البادية موجودة كما في السابق حيث خضع السوق طبقا لخطط الهيئة العامة للسياحة والآثار لبرنامج إعادة إحيائه ببعض ملامحه التاريخية القديمة ومن بينها إعادة بيع الثياب البدوية النسائية عن طريق مشاغل نسائية محلية وتشجيع من بقي من أصحاب محال تلميع الذهب والفضة على الاستمرار في السوق خاصة أن هناك إقبالا من الأجانب على شراء التحف الفضية القديمة الخاصة بأعراس بعض مناطق المملكة وقراها.
وكانت السوق في الماضي تبدأ بعد صلاة الفجر وحتى قبل صلاة المغرب حيث يتم قفل كل دكاكين السوق لأن السوق تصبح خاليا وكانت عملية البيع والشراء تتم بالريال الفضة والجنيه الذهب حيث توضع ريالات الفضة وجنيهات الذهب فيما يشبه الصناديق وتسمى بـ"المناقيل" وكان بعض التجار يحمل تلك المناقيل إلى بيته وكانت ثقيلة حتى أنهم وجدوا في بعض بيوت جدة القديمة بعض تلك المناقيل مدفونة داخل البيوت.

الأكثر قراءة