جمعية حماية المستهلك والمهمة الشاقة
لا أخفيكم سراً إذا قلت لكم إنه وبسبب المخاطر الكبيرة والكثيرة جداً التي تحيط بصحة وسلامة ومال المستهلك واقتصاد الوطن، فإن المرء يصل لحالة من الإحباط تجعله يؤمن ويعمل بالمقولة السائدة بين الشباب ''طنش تعش''. المختصون في عالم الأغذية يقولون إن المخاطر تحيط بمستهلكيها سواء من تلك المرخصة والمعروضة وفق الأنظمة أو تلك التي تباع بطرق غير نظامية على الطرقات والأرصفة، ويقولون إن ذلك يعود لأسباب تشريعية وإجرائية، حيث النقص في تحديد معايير سلامة الأغذية وإجراءات ضبط وإتلاف الأغذية غير المطابقة لتلك المعايير ومحاسبة منتجيها أو مورديها وموزعيها، ومن ذلك نسب المضافات الغذائية الصناعية، ونسب استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة، حيث يقول المختصون إن معظم الأطعمة المستخدمة ذات آثار سلبية على مستهلكيها خصوصاً على الأطفال، بل إن أحد المختصين يقولها وبصراحة إنه لا يستهلك الكثير من الأغذية المعروضة في السوق لأنها تحتوى على نسب مخالفة من المواد المسرطنة.
وبما أننا في الغذاء، يقول أحد المختصين في علم البيطرة إن حماية صحة ومال المستهلك من منتجي ومستوردي اللحوم ليست على ما يرام، فبالنسبة للحيوانات المستوردة من الخارج فإن الاعتماد الكلي على سلامتها يكون على بلد المنشأ وهو أمر أدى إلى دخول واستيطان كثير من الأمراض الحيوانية في بلادنا، ويؤكد أن لحومها لا تتوافق ومعايير الاستهلاك البشري الصحي من جهة السلامة ومن جهة الطعم، وهو يشجع على استيراد اللحوم المبردة المذبوحة في بلاد المنشأ التي يمكن إيصالها لبلادنا خلال نصف يوم تقريبا، أما بالنسبة للحوم المنتجة محليا فيؤكد أن مربي المواشي لا يفقهون أصول التغذية المثلى لندرة المختصين وندرة البيطريين، ما يجعل استهلاك الأعلاف بما في ذلك الشعير كبير جدا؛ ما يرفع الطلب على الأعلاف ويرفع الأسعار بالمحصلة على المستهلك، ورغم الدعم الكبير الذي تقدمه الحكومة لمربي المواشي، إلا أنه لا يصل للمستهلك المستهدف النهائي من هذا الدعم.
أيضا ضعف الاهتمام بالبيطرة من قبل المربين ومطابخ الذبائح يؤدي إلى وجود أمراض خطيرة في الذبائح التي تمر إلى المستهلك دون كشف بيطري، ما يهدد صحة الإنسان وسلامته وماله بالمحصلة، وبما أننا على ذكر المطابخ التي تنعم - كما هو حال كثير من المحال التجارية - بندرة الزيارات التفتيشية فإنها تقوم بإضافة مواد محسنة للطعم وتستخدم طرق طبخ ترفع من درجة لذة الطعام، إلا أنها ذات أضرار صحية كبيرة، ولا يوجد من يحدد ذلك ويضبطه ويعاقب عليه، والمستهلك يدمن على هذه المطابخ بسبب لذة طعامها، وهي تخفي في جوفها مرارة المرض وما يترتب عليه.
عالم الأجهزة الإلكترونية عالم نتحدث فيه دون حرج، حيث المخاطر على سلامة المستهلك والنزف المستمر لماله، ولا أعلم لماذا كل هذه المخاطر؟ هل هو بسبب نقص أو ضعف في مرجعية المواصفات والمقاييس أو ضعف في الإجراءات التي تضبط دخول الأجهزة الإلكترونية وفق تلك المواصفات والمقاييس؟ أم أنه تساهل من وزارة التجارة في التعامل مع العلامات التجارية، كما هو وضع بعض المنتجات الإلكترونية التي تحمل علامة تجارية معروفة، وأن الأجهزة مصنوعة في بلد المنشأ لتلك العلامة إلا أن معظم مكونات هذه الأجهزة مصنوعة خارجها وبجودة متدنية تستنزف مال المشتري في الصيانة والإصلاح، فضلا عن استنزاف الجهد والوقت وما قد يترتب على سلامة المستهلك من أضرار خطيرة جدا.
الغش في كل قطاع يقدم خدمات أو سلع غش لا يجد رادعا من ضمير أو وعيا مانعا أو نظاما سليما دقيقا وحازما يرصد ويضبط ويعاقب، وبتنا نتيجة للثورة المعرفية التي كشفت المستور نعيش في حالة من الخوف والذعر مما نشرب حيث قصص الكلور والبروم والبكتيريا وفيروس الكبد الوبائي، ومما نأكل حيث المضافات والمحسنات الغذائية، والمواد الكيماوية الحافظة، والنسب المترفعة من المبيدات والأسمدة، واستخدام مياه الصرف الصحي لإنتاج الثمار والخضراوات، وقطف الثمار قبل نضجها، والذبح غير الصحيح، حيث تذبح الخراف واقفة دون أن تخرج الدماء التي في جوفها لدواعي السرعة، وتمديد تواريخ الصلاحية، وتحويل المواد الغذائية من مبردة إلى مجمدة.. والقائمة لا تنتهي.
الغش في قطاع السيارات حيث الضمان مرتبط بصيانة السيارة في ورشة الوكالة التي تلزم المشتري بصيانتها كل خمسة آلاف كيلو متر بأسعار تصل لعشرة أضعاف الأسعار السائدة في السوق أحيانا، وفي قطاع الاتصالات نعاني جميعا من الغش في السرعات، حيث تدعي الشركة أنها تزودنا بسرعة معينة نكتشف أننا لا نحصل على ربعها، وعندها تظهر الأعذار دون أي تعويض ودون أي عقاب لهذا الكذب والغش الصريح والبواح.
جمعية حماية المستهلك بعد أن نهضت من كبوتها بجهود رئيس مجلس إدارتها الجديد وأعضاء مجلس الإدارة وبدعم من الأمير محمد بن سعود بن نايف الرئيس الفخري لجمعية حماية المستهلك، بدأت تحرك المياه الراكدة مشكورة الأمر الذي أيقظ وكالة شؤون المستهلكين من سباتها وبدأت تتحرك تفنيديا أكثر من تحركها علاجيا لحماية المستهلك سواء عن طريق التوعية أو عن طريق معالجة الأنظمة والتشريعات والإجراءات وتطبيقها بفاعلية وكفاءة عالية، أو عن طريق التكامل مع جمعية حماية المستهلك، وجمعية حقوق الإنسان، وأمانات المدن وبلدياتها، والجمارك، والمواصفات والمقاييس، والزراعة وغيرها.
حماية المستهلك من جهة الأسعار ومن جهة سلامته وصحته مسؤولية عظيمة وهي أمام الله قبل أن تكون أمام ولاة الأمر والمستهلكين. وكلنا آمل أن تنهض بها جمعية حماية المستهلك على أكمل وجه بخطة استراتيجية تتواءم والمعطيات الحالية والمستقبلية بتكامل مع الأجهزة المعنية كافة، ونتطلع إلى علاقة تكاملية من وكالة شؤون المستهلك من وزارة التجارة لحماية المستهلك على أكمل وجه، كما نتطلع إلى دعم كبير من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين لجمعية حماية المستهلك من جهة الموازنات اللازمة للنهوض بمهمتها الشاقة والمعقدة، ومن جهة الدعم المعنوي من خلال وزارة التجارة لتعزيز قدراتها ومعالجة عوائقها.