«سماسرة دوليون» يستغلون الأزمة الأمريكية لترويج المضاربة بالعملات
حذر اقتصاديون من استغلال وسطاء لأزمة الديون الأمريكية عبر الترويج للمضاربة بالعملات العالمية، ومن أهمها الدولار، معتبرين أن ''سماسرة العملات'' يسعون إلى تحقيق ربح كبير خلال الأزمات، خصوصاً بعد أن فقدوا شريحة كبيرة من عملائهم خلال الفترة الماضية، بسبب الخسائر التي لحقت بهم جراء الاضطرابات الاقتصادية.
واعتبر المحللون المضاربة بالعملات العالمية ''مغامرة غير محسوبة''، وأن السماسرة في هذا المجال يسعون إلى تحقيق أرباح خيالية من خلال صغار المستثمرين الذين يفتقدون الخبرة في هذا المجال، الذي وصفوه بالـ''الخطر''، منبهين إلى أهمية عدم وضع أموال طائلة في هذا النشاط في حال قرر المستثمر الدخول.
ولفت المختصون إلى أن كبرى الشركات والبنوك العالمية يخطؤون في توقعاتهم تجاه العملات، بالنظر إلى أن هذا النشاط يتأثر بشكل كبير بالمتغيرات السياسية، الاقتصادية، وأسعار الفوائد، والكوارث الطبيعية، مبينين أنه تبعاً لذلك فإن الإنسان العادي لن يستطيع الخوض فيه دون أن يلحق به خسائر، وربما خسائر طائلة.
ورجح الاقتصاديون أن يكون سبب كثرة الإعلانات التي تشجع على الدخول في سوق العملات العالمية ناتجا من انسحاب عدد كبير من المضاربة في العملات، والخسائر التي مني بها المستثمرون في أسواق الأسهم العالمية، وخروج عدد كبير منهم خلال الفترة الماضية، وبالتالي استغلال ضعف القنوات الاستثمارية.
''الدولار يغرق.. فرصة لتحقيق مكاسب من سوق العملات'' عبارات براقة حملتها إعلانات مدفوعة في عدد من مواقع الإنترنت الإلكترونية الشهيرة، ساهم في نشر عدد من شركات الاستثمار والوسطاء الأجانب، الذين عمدوا أيضاً إلى إظهار شواهد على نجاح عملهم من خلال أسماء وصور أشخاص موجودين في عدد من الدول المتفرقة حول العالم لزيادة تأكيد مصداقيتهم وترغيب المستثمرين.
#2#
#3#
وحملت تلك الإعلانات نسبا مئوية للأرباح المتوقعة التي سيجنيها المستثمرون من خلال الدخول في تجربة الاستثمار في سوق العملات، واستغلال الأزمات الاقتصادية وتهاوي بعض العملات، فيما حمل البعض الآخر منها فرصة التدريب على المضاربة في سوق العملات.
من جهته، أشار سهيل الدراج الخبير في الشؤون الاقتصادية الدولية إلى أن المضاربة في سوق العملات من العمليات الاستثمارية الصعبة، بالنظر إلى أنه يحيط بها تأثيرات كبيرة ويصعب أن يلم بجميع المتغيرات فيها، معتبراً أنها أيضاً من الاستثمارات المضاربية المرهقة، ويصعب لأحد أن يحقق فيها مكاسب في أسبوع أو أسبوعين.
وأضاف: ''ممكن أن يحصل هبوط حاد لإحدى العملات العالمية كالذي حدث لليورو إبان أزمة اليونان، ويستفيد منه المستثمر بمكاسب بسيطة، لكن إذا حدث ارتداد سيأكل الضربة ويخسر أكثر مما جمعه''.
وتابع: ''مهما كان الشخص يملك خبرات عالية تبقى المضاربة في العملات من الأمور التي يصعب أن ينجو المستثمر من الخسارة فيها، وبالتالي فإن المضاربة في سوق العملات مغامرة غير محسوبة النتائج، ويجب عدم الدخول فيها بالمال الكثير، بل بجزء محدود من رأس المال''.
وأبان الخبير في الشؤون الدولية، أنه نظراً لأن سوق العملات يتأثر بالأحوال العالمية، فإنه يصعب التنبؤ بمستقبل الاستثمار فيها، إلى جانب أن جزءا كبيرا من الوسطاء ليس لديهم مصداقية، وأن أهم مطالبهم تحويل المبلغ للاستثمار.
وأضاف: ''حتى لو ربحت فسيكون هناك تأخير في استحقاق الأرباح، وتظهر مشاكل أخرى، وبعض الوسطاء يوهم المستثمر بأن التداول الذي أمامه حقيقي بينما هو في حقيقة الأمر وهمي لسرقة الأموال''.
وتوقع الدراج أن يكون السبب وراء كثرة الإعلانات في الوقت الحالي هو شدة المنافسة بين شركات الاستثمار، إضافة إلى انسحاب عدد كبير من المضاربة بالعملات نتيجة الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم خلال الفترة الماضية.
ونصح الدراج بعدم دخول سوق العملات لأن مخاطرها أكبر وأسرع من غيرها من الاستثمارات، وأنها قد تلحق ضررا بالغا بمن لا يملك الخبرة الكافية.
وهنا اتفق أحمد الحديد المصرفي السعودي، مع ما ذكره الدراج من خطورة سوق العملات، مضيفاً أن هذا السوق من الأسواق التي توجد بها عقبات استثمارية أخطر من سوق الأسهم، بالنظر إلى أن المستثمر يشتري في الاقتصادات العالمية وليس في نشاط معين، وهي نشاط مضاربي بحت.
وتابع: ''ربما يشتري في اليورو، أو الدولار ويتقوى الاقتصاد الأوروبي أو الأمريكي أو يهويان فتكون هناك خسائر طائلة للمستثمر، لأن المخاطر في هذا النشاط أكثر بـ50 في المائة من الأنشطة الاستثمارية الأخرى، كما أن أنجح الشركات البنوك العالمية تجدها تخطئ في توقعاتها تجاه العملات، وشركات عالمية كبيرة لا تدخل في نشاط المضاربة في العملات نظراً لخطورته''.
وحول الشركات أو الوسطاء الذين يسوقون لإعلانات ترويجية للمضاربة في سوق العملات، اعتبر الحديد أن هذه الشركات تسعى إلى تحقيق أرباح طائلة من خلال العمولات الكبيرة التي يجنونها من العملاء حول العالم، خصوصاً لمن لا يستطيعون قراءة المخاطر، مشيراً إلى أن الهدف من هذه الإعلانات المكثفة استغلال ضعف القنوات الاستثمارية الأخرى مثل الأسهم وخروج المستثمرين منها واستقطابهم لزيادة أرباحهم.
وأضاف: ''أكبر البنوك العالمية تخطئ في التوقعات تجاه العملات، فما بالك بالمستثمر العادي الذي يجب أن يكون لديه خبرة طويلة في هذا المجال الذي يتأثر بأسعار الفوائد، والقرارات السياسية والعوامل الطبيعية''.